تُعرف الأمثلة العربية أحياناً بقسوتها وأحياناً أخرى بعدم ملاءمتها للواقع من حيث اختلاف المعنى الدال على المثل، وقدماء العرب أطلقوا أمثالا وأوصافا على جميع الكائنات الحية والطيور وخلافها. وطائر النعام هو الأسوأ حالاً، إذ نُعت بأبشع الصفات، فهو يدس رأسه في التراب زاعماً أن أحداً لن يراه وهو بكامل هيئته ظاهراً للعيان ومع هذا فإن النعام قد يكون به كثير من العقل والحكمة لذلك فهو يبتعد عن كل من حوله. وقد قال عنه القدامى غير ذلك واستُخدم اسمه وصفته للإساءة للبشر أو الإقلال من شأنهم غير أن الواقع أثبت أن النعام له فوائد قلما تجدها في بعض الناس؟! وهو مخلوق مسالم لا يحب المشاكل لذلك يدير ظهره عنها ويخفي وجهه حتى لا يزعج أحداً ولا أحد يزعجه، أهناك أدب أفضل من ذلك؟! وبالمقابل من يدري فقد يكون النعام يكيل الشتائم للناس بطريقته أو يتهكم عليهم وقد يحزن لوضع البعض منهم ويبكي مندساً، إلاّ أنه يكسب الجولة دائماً لأنه يدير ظهره ويريح أعصابه من فوضى الحياة وقسوة الناس وبالتأكيد لو أن طائر النعام يستطيع الطيران والتحليق في الفضاء لترك الأرض لبني البشر ورحل عنهم لأنهم عشّاق للمتاعب وصنّاع للويلات. وقطعاً فإن النعام لديه عقل متزن حتى سيره بهدوء دليل على ثقته في نفسه وقناعته بطريقة حياته، وهذا ما يكاد يتلاشى بين الناس الذين يندفعون نحو الهاوية بدعوى الشجاعة ولكن في غير مكانها هي جنون وانتحار يؤديان إلى ما لا تحمد عقباه. والنعام يُحسد على برودة أعصابه في عالم مضطرب لأن الكل صار فوق الكل والجميع فوق القانون وهنا جوهر المشكلة. استشاري إدارة تشغيل المستشفيات وبرامج الرعاية الصحيّة