"الببغاء هو الوحيد اللي عنده ذمة ينقل الكلام بدون ما يزيد عليه، اللهم بغبغ بعض البشر، ذبحونا بالبهارات والصواريخ". هذه الطرفة تحكي واقعاً نراه مع كل حدث! فالبعض لا يمكن أن ينقل لك حديثاً إلا ويضيف عليه كمية من الإثارة لا يستسيغها العقلاء، ولو فكر السامع قليلاً في بناء قصة المتحدث المبهرة ونظر في عينيه وهو يتحدث، لخرج بانطباع: كيف لعاقل أن يصدق مثل هذا الكلام، فضلاً عن أن يتبناه وينقله؟! المشكلة في هؤلاء أنهم خطر علينا في وقت الأزمات، وقد رأينا الصور التي نقلت لنا من نجران الأيام الماضية، وكيف أن بعضها ليست حقيقية، بل من سنوات ماضية أو في بلدان أخرى غير بلدنا، ومع ذلك فقد أعمى البعض وأصمهم البحث عن السبق، أو المضحك المبكي الذي يبين خطورة الحال التي وصلنا إليها، قد يكون ما أعمى البعض وأصمه: حبه لوطنه! والمشكلة الأخرى أن هؤلاء الكذبة يؤدون بمبالغاتهم إلى أمور لا تحمد عقباها، فكم شتتوا شمل أسر، ودمروا صداقات، وأحزنوا قلوباً، وما أكثر ما سمعنا بعد طلاق أو فراق وقطيعة: فلان نقل لي صورة مخالفة للصورة الحقيقية، وأنا صدقته وتهورت! وثالثة الأثافي وأخطرها أن المؤثرين من هؤلاء الذين تجاوزهم الببغاء في الصدق، يرون أنهم إعلاميون! وبعضهم يملك مؤسسات إعلامية ولها أتباع في زمن أصبح الكل فيه عبارة عن مؤسسة إعلامية حتى ولو لم يكن يملك إلا أتباعاً وهميين! قد يكون علاج عاشقي الإثارة صعبا، فما يفعلونه دليل على خلل نفسي وفكري يحتاج إلى علاج مطوّل، ولكن ما ليس صعبا أن نمارس نحن دورنا بألا نكون أدوات تخدم مشروع هؤلاء المرضى، فلا نمرر كل ما نسمع، ولا نقيس الرجال بمتابعيها أو بمراكزهم، بل نفكر في كل ما يمر علينا، ولو قلت: نشكك! فما بالغت! لا تكن سهل الخداع! وثق في أن أهل المبالغة والكذب عبارة عن فقاعات صابون تظهر سريعاً وتختفي سريعاً، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم: "... وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا". * متخصص بالشأن الاجتماعي