وزارة للحُب يثير تصفح برامج التواصل الاجتماعي وبخاصة تويتر وانستجرام كثيراً من الانفعالات المضرة بالصحة العامة، فالغيظ الذي يثيره فينا يجعل الإنسان وكأنه في حالة عراك دائم، فهو حتى لو اكتفى بالقراءة سيشعر بالضيق من الآراء المتعنتة والأسوأ هو كميات الإساءة الهائلة التي يتبادلها كثير من الناس سواء بالسخرية أو الشتم أو الإخراج من الملة لأتفه الأسباب. فالكل يعتبر نفسه ناصحاً في كل شأن من الشؤون والكل يناقض نفسه في كلمة وأخرى والكل يرى أن كلمته هي الكلمة الفصل! ومن جانب اخر صارت تلك المواقع مرتعاً خصباً لفئة غريبة جدا من الفنانين والإعلاميين الذين صرنا نقرأ لهم وكأننا نقرأ لرؤساء عصابات يثيرون الناس ضد بعضهم بعضا ومن ثم يتكئون ويتركون المجال مفتوحاً لمتابعيهم ومعجبيهم أن يتولوا الرد بالنيابة عنهم على كل من يسيئ لهم لتبدأ معارك طاحنة فيها كميات لا يستهان بها من الوقاحة والقبح الأخلاقي. وبعد قليل تجد هذه الفنانة أو تلك الإعلامية تتحدث عن الأخلاق والرسائل الاخلاقية التي يدعون أنهم يقدمونها للناس!! إن من مساوئ مواقع التواصل التي غلبت على محاسنها ذاك الموج الهادر من الكراهية التي جعلت الناس (بتقطع في بعضها) ولا تحتمل أن تصغي لصوت العقل في كثير من الأحيان. هذا الجو الخانق خرج عن حدود الأجهزة وسيطر على الناس في الحياة العامة فصار الكره كرة يتقاذفها الناس في كل مكان. فهل صرنا بحاجة لوزارة للحب تصدر قوانين وأنظمة تشيع الحب بيننا بالفرض وليس بالاختيار حتى نعتاد عليه ونصحح مساراتنا بدلاً من التراشق بالعبارات النابية المسيئة لكل جميل في الإنسان. خبز حساوي ما أجمل أن نتوقف من حين لآخر عند بعض خصائص المدن التي تنفرد فيها مدينة ما دون غيرها، فمهما تشابهت المدن الحديثة تبقى هناك مزايا خاصة تتمتع بها مدينة عن أخرى، والخبز الحَمَر كما ينطق في العامية الأحسائية هو الخبز المعجون بأجود خيرات الأحساء -التمر- ويعد احدى العلامات الفارقة التي لم تنقطع ولم تتبدل على الرغم من ضعف التسويق لها بعد أن صارت المخابز الإليكترونية تقوم بمهام الخبز بأنواعه المختلفة، وسواء زرت الأحساء أو قدم إليك أحد سكانها وهو يحمل بين يديه عدداً من الأرغفة ذات الطعم الخاص والمميز جداً وتعتبر من أجمل الهدايا وبخاصة لمن لا يستطيع أن يتذوقه إلا في فترات متباعدة. قبل أيام قلائل كنت هناك مع مجموعة أخرى قدموا من الرياض لحضور حفل ما ولكنهم لم يفوتوا وجودهم هناك مع ساعات الصباح الأولى وهي اللحظات التي نشتاق فيها لرائحة الخبز أياً كان فكيف بالخبز الأحمر الذي أخذ لون التمر وتشرب بنكهته التي لا تقاوم ليكون للخبز طعم مختلف في أجواء مختلفة حيث رائحة النخيل الذي مازال يعطي خيراته أو من بقاياه المحترقة أو من رائحة تراب الأرض. بعض ملامح المدن ليس بالضرورة أن تتغير ولا تتجمل لتحافظ على نكهتها الخاصة في أجوائها الخاصة لتظل كما كانت. الحطيئة عندما قال شاعر الهجاء (الحطيئة) عن نفسه (فقبح من وجه وقبح حامله) كنا نلومه على عدم رضاه عن نفسه وعلى لسانه الذي لم يسلم منه أحد حتى نفسه، ولكن اليوم ومع رؤية هذا الجمال المتشابه بفعل الماكياج والتجميل أحسب أن الحطيئة أكثر صحة نفسية من كثير من الناس الذين لا يرضيهم من أنفسهم شيء إلا عندما يتغيرون جذرياً ويصبحون نسخة من ذاك أو تلك وكلهم في النهاية لا يستطيعون الابتعاد عن مبضع جراح التجميل لأنهم في الحقيقة أسوأ من الحطيئة بكثير فيما بينهم وبين أنفسهم. اليوم لا نسمع ولا نقرأ إلا مديحاً ذاتياً شكلياً مبالغاً فيه من بعض الشخصيات العامة وهو أمر يبين عن نقص وضعف في جوانب أخرى، فأولئك لم يستطيعوا أن يحبوا أنفسهم ولم يتقبلوها إلا تحت مواصفات معينة تشترى بالمال. لتبدأ بعدها المباهاة بصوت عالٍ وكاذب ولكن ما ذنبنا نحن في كل هذا الضجيج الذي يفرض علينا في كثير من القنوات التي نطل منها على العالم فلا نجد سوى ما تثيره تلك الفنانة أو فتاة الإعلان من هراء لا يدور إلا حول ما تلبس وما الجديد في وجهها أهو الماكياج أم تغير شكل العين أو الشفاه أما العقل فلا جديد يذكر حتى الآن! عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام