غالبا ما تكون الشائعة أثراً حتمياً لظواهر أزمة معينة - افتراضية كانت أم حقيقية-! نعم أزمة... على اختلاف مستوياتها وظروفها، وذلك لهول موقفها وسرعة تداعياتها التي لا تمهل أصحابَ الشأن وقتاً لقراءة أنماطها، والتي تساعدهم كثيراً في تحديد حجم الأزمة؛ لوضع المبررات المناسبة لها حتى لا تتسرب الأخبار التي تؤدي إلى إعطاء صورة مغلوطة عن الحدث، بل لا يُستغرب أن يكون كيان ما قد استعد مبكراً لمواجهة أزمته بخططٍ من فئة (A) أو (B) أو(C) مثلاً؛ ولكن واقع تضخمها التصوري والافتئات عليها أحيانا أخرى من المحيط؛ يفوق استيعاب الأزمة واستراتيجياتها، مما ينشأ عنه - بالضرورة - الابن العاق «الشائعة» في هذا الظرف الهستيري المحموم للكيان؛ وغالباً تكون من أشخاص لا يَعْدُون في وصفهم أنهم «دخلاء أو أعداء». وتكثر «الشائعات» بين مروجيها بدافع مرضي شخصي، أو لتحصيل عوائد ماديةٍ: سياسية أو مالية؛ لأن البيئة غالباً ما تكون صالحة لتداولها، والعقول مهيأة لتلقيها ونشرها دون النظر الفاحص لعواقبها الوخيمة، فضلاً عن صحتها في أقل مستويات تلك البيئة وثقافتها!!. وللأسف،، مازال هذا الوباء... عذراً! مازالت هذه الثقافة... متقبلةً لدى شريحة واسعة من الناس بل ومن يُشار إليهم بأنهم أصحاب شهادات ومراتب عُليا – إضافة إلى خطر صناعتها وتسويقها-، إذ يبنون قصور آمالهم على بحرها، ويتلذذون بقضاء أوقاتهم في الحديث مع صورها، ويُشَكِّل آخرون بها شخصيات وهمية يكيلون لها الشتائم ويشهرون السلاح في وجهها؛ وقد تنتهي أعمارهم ولمَّا ينقضِ هذا الصراع، هكذا هم (؟ ؟).. صناعُ أعداء، بل أشقياء جبناء.. وإذا ما خلا الجبانُ بأرضٍ ،،، طلبَ الطعنَ وحدَه والنِّزالا! والأعجب من هذا كله! تلك القضايا التي تجوب أروقة التحقيق والمحاكم، وغاية أمرِها صُدورُها كشائعة من مُغرضٍ أو هاوٍ، فيفتك الصديق بصديقه والقريب بقريبه، والزوجة تحيك نسيج الشكوك على زوجها! وقد استشرى هذا المرض وراج حتى عند الداعية وطالب العلم!! فتُسوَّق له ويقبلها دون تروٍّ وتثبت، ومن ثم يُصدر أحكاماً ويوزِّع اتهاماتٍ، فيرفع أقواماً ويضع آخرين بمجرد بلوغها إياه. حادثة الإفك.. مشروع انتقامي حاول فيه ابن سلول أن يستغل الشائعة وإقامتها عنصراً مناسباً؛ فالوقت: عودة جيش منهك من القتال، والأشخاص المُسوِّقون: أقرباء عائشة - رضي الله تعالى عنها- وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليتسنى له ولأتباعه تجميع مُتفرِّق الولاء الذي نزع زعامته منه الرسول الكريم، وقد أحدثت ربكة كبيرة، ظهر أثرها السيئ على عائشة رضي الله عنها وأرضاها. كان ابن سلول مثالاً لصانع شائعة سياسية مختلقة؛ وليست مظنونة.