تؤشر نتائج الانتخابات الإسرائيلية إلى نزوع الناخب الإسرائيلي إلى التطرف والعدوان المباشر، وتأييد سياسة المذابح الصهيونية في غزة، ووصوله إلى أقصى حالات الجزع والخوف التي يترجمها في نزوعه نحو اليمين، وفى الحقيقة، فإن الإحساس الصهيوني بِقُرْبِ نهاية الصهيونية، أصبح يسيطر على كل إسرائيلي، فالقوات الصهيونية- التي هي الدرع الأخير لوجود إسرائيل- فشلت في القضاء على منظمتين، ينظر إليهما الإسرائيلي باعتبارهما خطرًا وجودِيًّا على إسرائيل، وهما: حزب الله في 2006، وحماس في 2009، وهذا معناه أن من الممكن ظهورَ قوةٍ راديكاليه في أي دولة مواجهة، وتقضي على إسرائيل بكتيبة مدفعية فقط تستهدفها عشرة أيام فقط، دون أن يستطيع الجيش الصهيوني القضاء عليها، وهذا معناه نهاية إسرائيل! ولأن فكرة الصهيونية في جانبها اليهودي قامت على توفير ملاذ آمن لليهود الذين اضطهدوا في أوروبا والعالم حسب المزاعم أو الحقائق، فإذا أصبحت فلسطينالمحتلة "إسرائيل" ملاذًا غير آمن، بل أكثر الأماكن خطرًا بالنسبة لليهودي في العالم كله، فإن فكرة الصهيونية تُنْسَفُ من أساسها، وهذا الإحساس يعرفه المفكرون والإسرائيليون، ويحس الجمهور الإسرائيلي، فيصاب بالتوتر والخوف من المستقبل، وهذا يقود الناخب الإسرائيلي نحو اليمين والتطرف! وإن نتائج الانتخابات التي أفرزت اليمين بوضوح تعني نهاية "وهم" حل الدولتين، أو فكرة الحصول على بعض الحقوق عن طريق التفاوض، وهذا معناه نهاية مُبَرِّر وجود السلطة الفلسطينية، كما أنها تنسف فكرة التفاوض، وتنسيق حل الدولتين، وتعيدنا إلى المربع صفر. وإذا كان الصوت العنصري الغالب في مسار العملية الانتخابية، أسوة بحملات المرشحين الإسرائيليين، وبدفة توجهات قواعدهم الميدانية، قد حافظ على مكانته بأريحية، إما في سدة الرئاسة، أو في عضوية المجلس، كما في بلدية القدسالمحتلة، ضمن سياق التعهد باستمرار الاستيطان والتهويد، فإن رؤوسا قديمة، وأخرى متهمة بالفساد، ظلت في مواقعها، مما شكل أحد أسباب ما سمي "بلا مبالاة" أصحاب حق الاقتراع تجاه انتخابات "باهتة". وبينما عززت نتائج الانتخابات مكانة اليمينيين المتطرفين، وأقطاب التمييز ضد الفلسطينيين العرب، بعدما دخلت العنصرية القبيحة عنصراً حيوياً في "المزاد" الانتخابي للمرشحين الإسرائيليين، ومحركاً "تعبوياً" فاعلاً لحشد الأصوات. فقد اعتمدت الأحزاب الإسرائيلية في حملاتها الانتخابية، بما في ذلك الفروع المحلية لحزب "الليكود" الحاكم، على اللغة العنصرية العلنية ضد الفلسطينيين العرب، و"فزاعة" سيطرة المسلمين على الداخل الإسرائيلي، فرفعت في بعض المدن الفلسطينية شعارات مناوئة "لصوت الأذان"، وتشييد "المساجد"، أسوة بمدينة يافا، التي تضمّ في أكثر من ثلث سكانها مواطنين فلسطينيين، بينما حملت عناوين انتخابية أخرى مطالب الفصل بين التجمعات في "المدن المختلطة"، التي يعيش فيها اليهود مع المواطنين الفلسطينيين معا، بما يعكس جنوح الداخل الإسرائيلي نحو دفة الغلو والتطرف.