اليوم يزور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي المملكة للالتقاء بأخيه قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله –، وهي زيارة تجيء في ظروف دقيقة وحرجة تمر بها الأمتان العربية والاسلامية، حيث تندلع الأزمات في بعض الأقطار وتشتعل الحروب في بعضها الآخر، وتمور موجات من الارهاب في البعض الثالث بما يحتم على المملكة ومصر أن تتباحثا في مختلف الأمور التي قد يوجد في أعقابها طوق نجاة يخلص العرب والمسلمين من أزماتهم وخلافاتهم الطاحنة، لا سيما أن البلدين يشكلان أثقالا سياسية واقتصادية حيوية يمكن توظيفها لحلحلة كثير من الأزمات العالقة. وزيارة الرئيس المصري وهي الأولى بعد تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله – مقاليد الحكم في البلاد سوف تبحث الكثير من الملفات الهامة، لعل أهمها دعم وتعزيز العلاقات الثنائية الحميمية والمتميزة بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات الحيوية التي تهم الشعبين وتؤدي الى تحقيق أكبر قدر من المنافع والمصالح المشتركة بينهما، فالعلاقات السعودية – المصرية قديمة ولها أهميتها الكبرى في البحث عن قنوات جديدة من التعاون؛ لما فيه تقدم البلدين وازدهارهما ونشر المزيد من الرخاء والرفاهية بين المواطنين في البلدين الشقيقين. اضافة الى ذلك فثمة ملفات هامة لا بد من بحثها بين الزعيمين بشأن العديد من المستجدات الطارئة على الأوضاع الاقليمية، لا سيما فيما له علاقة بالتدهور الأمني في اليمن وأهمية العمل على تداركه تلافيا لوقوع آثاره السلبية على أمن منطقة الخليج والبحر الأحمر، والأمر بحاجة ماسة لتدخل أخوي سريع من الجانبين السعودي والمصري للتوصل الى أفضل الحلول المؤدية الى تسوية الأزمة اليمنية وحلحلتها قبل أن تتعقد الأمور، فبعض الأطراف والجماعات المتطرفة تحاول استغلال الفراغ الناشئ في اليمن الذي خلفه الاقتتال الداخلي للاضرار باستقرار اليمن واستقلاله من جانب وللاضرار بأمن دول المنطقة بأسرها من جانب آخر. وازاء ذلك فان زيارة الرئيس المصري للمملكة لها أهمية خاصة في ضوء ما سيبحث خلالها من موضوعات ملحة، تشكل في واقع الأمر منطلقا هاما نحو دراسة الأوضاع الحالية المتردية في بعض الأقطار العربية، وامكانية احتوائها تفويتا لكافة المحاولات المبذولة من أعداء الأمة العربية المتربصين بها الدوائر، في محاولة لبث الفرقة والانقسام بين أقطارها، وهو أمر يستدعي بالضرورة اجراء المزيد من التشاور والتفاهم وتوسيع دائرة التكاتف والتآزر لمواجهة الأخطار المتسارعة المحدقة بالأمة العربية. وتلك المواجهة تترجمها زيارة الرئيس المصري الحالية للمملكة، ولعل المواقف التاريخية المعروفة بين البلدين تمهد للمزيد من المناقشات الرامية لمواجهة التحديات والمستجدات على الساحة العربية تحديدا، وتلك مواقف معلنة ومعروفة، لعل على رأسها موقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله –، حينما تطوع في الجيش المصري ابان العدوان الثلاثي الغاشم على أرض الكنانة، وكذلك قيادة المليك المفدى لحملة دعم النازحين المصريين حينذاك، وتضامنه المشهود مع مصر خلال حرب أكتوبر 1973م. إنها مواقف أصيلة تدل دلالة واضحة على الأخوة الحقيقية والصادقة بين القيادتين السعودية والمصرية، وتدل من جانب آخر على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين بما يعود عليهما بسلسلة من المنافع والخيرات، ولا غرابة أن تكون تلك العلاقات القوية بين البلدين نموذجا حيا لما يجب أن تكون عليه العلاقات العربية – العربية، وبالتالي فان زيارة الرئيس المصري الحالية للمملكة لها أهميتها الكبرى في تعميق وتعزيز العلاقات بين البلدين من ناحية، كما أنها تجيء لاجراء المزيد من المشاورات والمباحثات مع المليك المفدى – يحفظه الله – لانقاذ المنطقة العربية من الانعكاسات المحتملة التي تمثلها صور الأحداث الجارية في بؤر التوتر لا سيما ما يحدث في سوريا والعراق واليمن من ناحية ثانية، وكذلك مواجهة التحديات التي تمثلها ظاهرة الارهاب ومحاولة أصحابها الوصول الى مختلف البقاع الآمنة في الوطن العربي لاصابة استقرار تلك البقاع في مقتل، فالمشاورات بين البلدين لاحتواء تلك الظاهرة وتقليم أظافر أصحابها أضحت ضرورة ملحة في ضوء التمدد الأخطبوطي لتلك الظاهرة الخبيثة التي لا دين لها ولا وطن، وما زال التنسيق الأمني مستمرا بين البلدين الشقيقين لمواجهة تحديات تلك الظاهرة ومكافحتها.