المراقب لما يجري على الساحة العالمية يلحظ "خلية نحل" ناشئة، تتكون بثبات، وتتفاعل بسرعة، أطلق عليها مسمى مجموعة "بريكس" تجمعها المصالح وفقا لقاعدة "لا عداءات دائمة وإنما مصالح دائمة"، ولم يقتصر اجتماعها على المصالح الاقتصادية بل تجاوز ذلك الى التكامل الاقتصادي والعسكري، وكلمة بريكس "BRICS" هي مختصر لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، والتي تنوي أن تكون القوة العظمى القادمة والمنافسة للولايات المتحدةالامريكية، وهي تضم خمس دول هي البرازيلوروسياوالهندوالصين وجنوب أفريقيا، ويعيش فيها حوالي نصف سكان العالم، وتسيطر على 25% من مساحة اليابسة في الكرة الأرضية .. بل من المتوقع أن تصبح القوة الاقتصادية والعسكرية المسيطرة في العالم، بعد تنحي الولاياتالمتحدة عن هذا المنصب في المستقبل القريب!. تلك المجموعة الاقتصادية عقدت أول قمة لها في "ييكاتيرينبرغ" في روسيا عام 2009، حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية، وهي اليوم مؤهلة للعب دور مؤثر في النشاط الاقتصادي العالمي بما تمتلكه من مقومات ضخمة، تمكنها من تأسيس صندوق بحجم صندوق النقد الدولي، بل تضمن أحد مؤتمرات بريكس إنشاء بنك جديد للتنمية البينية والدولية على غرار البنك الدولي المعروف. يرى الكثير من المراقبين أن إنشاء هذا البنك سيكون رديفاً للمؤسسات الاقتصادية الدولية الحالية (مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) .. بل ومنافساً، من أجل تحرير العالم من تأثيرات وقيود تلك البنوك والمؤسسات التي تسيطر عليها الولاياتالمتحدة بشكل أساسي. ما يعزز توجهات بريكس هو التحرك الكبير الذي تشهده الساحة الدولية من قبل دول مجموعة بريكس، فها هي الصين قد قررت أن تستحوذ على 20% من سوق السيارات في المملكة على عدة مراحل، وستكتمل النسبة المخطط لها بنهاية 2017، وهي تتمدد في السودان ومصر وفي سائر دول الشرق الاوسط، وتلك هي بداية الاستحواذات في المنطقة، وها هي - ايضاً – روسياوالهند تعملان على بناء 12 مفاعلا نوويا في الهند، بعد أن تم اللقاء بين الرئيس، فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في نيودلهي مؤخرا، ويقول الهنود: إن روسيا ستبقى أول مورد عسكري للهند، وليس هذا فحسب .. بل وقعت الدولتان عقدا لتمويل الهند بالنفط لمدة عشرة أعوام، وعقودا أخرى تتعلق بتجميع طائرات عمودية روسية في الهند، وهذا التعاون سيسهم في خلق متنفس لاقتصاد روسيا الذي يرزح تحت وطأة انخفاض أسعار النفط، والعقوبات الأوروبية. إن أفلحت هذه المجموعة "بريكس"، فنحن أمام تغير كبير في الخارطة السياسية والاقتصادية العالمية، وفي تقديري أن مجموعة دولنا الخليجية تستطيع الاستفادة من مجموعة "بريكس" لأنها سوق عالمية واعدة ولديها الكثير من الفرص للنمو والتطور الذي نبحث عنه، فهل نتسابق مع غيرنا في اقتطاف الثمار التي أينعت مع ظهور مجموعة بريكس؟!. * مدير مراكز "اسكب" للاستشارات الأمنية والعلاقات العامة