اجتاحت حمى «التيفو» الجماهير السعودية وتسابقت في الظهور المثالي عبر مدرجاتها في هذه الظاهرة الجديدة التي انتشرت بشكل أوسع في ملاعب المملكة. «والتيفو» عبارة عن لوحة فنية تتكون من قطع صغيرة من الورق أو النايلون ترفع من كافة الجماهير عند دخول الفريق لأرضية الملعب لتتشكل لوحة كبيرة ذات صورة أو كلمة تتزين بها المدرجات في مختلف المناسبات، وتوجه من خلالها رسالة تعبر عن محبة النادي أو ترفع لقبا له وأحياناً تكون خارج النطاق الرياضي وتتحول إلى السياسة أو الدين، وتحرص الجماهير على اختيار أفضل العبارات والصور لتحفيز لاعبيها وشحذ هممهم ورفع معنوياتهم، وتختلف الأفكار والرسائل من نادي إلى اخر حسب التوقيت والحدث والمناسبة. ويعتبر «التيفو» ثقافة أوروبية، ففي العصر الحديث ومع تزايد وسائل الاتصال والارتباط بالدوريات العالمية الكبرى، جعلت الجماهير تتأثر بما يحدث فيها، حيث انطلق التيفو من إيطاليا وكان عبارة عن صور كبيرة ترفع في بعض أجزاء الملعب، وتحول بعد ذلك ليشمل كل من في الملعب، لينتشر بعدها تدريجياً في القارة الأوروبية، وأبرز من اشتهر هناك هم جماهير الانتر وميلان ويوفنتوس في إيطاليا وبرشلونة وريال مدريد وأتلتيكو مدريد في اسبانيا ودورتموند والبايرن ميونيخ في ألمانيا، كما اشتهر ايضاً في الدوريات اللاتينية وأبرزها الدوري البرازيلي والارجنتيني ووصل بذلك للدوريات العربية ليصل للدوري السعودي. «التيفو» يمثل مجموعة من المشجعين يلازمون الفريق في كل مبارياته ويطلق عليهم مجموعة «الألتراس» ويحرصون على المباريات الجماهيرية كالديربي والكلاسيكو والتي تقام على أرض الفريق كونها تجذب الأضواء وتزيد فيها نسبة المشاهدة، وتعد فرصة للمدرج في الظهور بأحلى حلة، كما يميز «التيفو» مشاركة جميع الجماهير في كافة أرجاء الملعب، عكس بعض الطرق التشجيعية التي تعتمد على عدد محدد من أعضاء روابط الأندية في جهة معينة من الملعب. الراقي يبتدر الظاهرة بدأ التيفو في الظهور باستحياء في الملاعب السعودية، وجاءت البداية من جماهير الأهلي قبل سنوات ليست بالبعيدة، وظهرت كذلك جماهير الاتحاد في بعض المباريات لكن بشكل خجول، وكان التيفو بطريقة بسيطة يحمل أوراقا بألوان الناديين، ولعل عدم تطور التيفو في الغربية يعود لطريقة تشجيعهم التي تعتمد على الطريقة اللاتينية باستخدام الألعاب النارية والأعلام وترديد الأهازيج التي تميزت بها ملاعب جدة حيث صدرت العديد من الشيلات والأهازيج لكافة مدن المملكة والخليج. العالمي يخطف الأضواء عودة العالمي لمنصات التتويج لم تقتصر على الفريق الأول فقط، بل إن جماهير النصر اكتسحت الساحة وتفوقت على الجميع، وأتقنت التيفو الذي يزدان جمالاً من مباراة إلى أخرى، ولعلنا نقول من هنا بدأ التيفو فعلياً في الانطلاق بالملاعب السعودية، فجماهير الشمس أعطت للتيفو قيمة كبيرة ومعنى اخر وزينت استاد الملك فهد الدولي بالعديد من الأفكار المميزة المقترنة بالأداء المثالي، حيث خطفت الأضواء ورفعت من وتيرة التنافس بين كافة الجماهير. وكانت الأنظار تتجه نحو مدرج الشمس في كل لقاء، لمشاهدة ماذا سيقدمون من تيفو وماهي الرسالة التي سيحملونها، وكان أبرز تيفو لجماهير النصر تزامن في يوم اللغة العربية حيث شكلت «تيفو» حمل عبارة «فارس نجد» بالخط العربي وبجانب العبارة صورة «فارس» على جواده، وحظي هذا التيفو بإعجاب الجميع، ولم يقف التميز عند هذا الحد بل لجماهير العالمي العديد من «التيفوهات» الرائعة والتي ما زالت عالقة في الأذهان، حتى أصبح التيفو مرتبط بالجماهير النصراوية ودائماً ما تتميز به، ومع الأخذ بالاعتبار أن التيفو النصراوي من تصميم ودعم سعودي من مجموعة من الجماهير النصراوية العاشقة. الهلال يبهر آسيا الجماهير الهلالية كان لها حضور قوي في التيفو بالأفكار الجديدة واللافتات الرائعة، وبرزت أكثر في مباريات الهلال في البطولة الآسيوية، بعد ظهور دون المأمول في المباريات المحلية، ولكنها فاجأت الجميع وتفوقت بإطلالة مبهرة في المواجهات الآسيوية، وكان تواجدها وإبداعاتها في مدرجات الدرة يضفي جمالاً على المباريات، وزيادة على التيفو كانت تستعين بالصور الكبيرة التي ترفع مع التيفو أثناء دخول الفريق، وحظيت الجماهير الزرقاء بإشادات واسعة من المتابعين، وكذلك وصف الاتحاد الاسيوي عبر صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إبداعات الجمهور الهلالي في المباريات القارية بالجميلة، وأيضاً أفردت الصحافة السعودية والخليجية العديد من الأخبار عن مدى تأثير جماهير الزعيم برسائلها التي تقدمها بطريقة عصرية نالت استحسان الجميع. (جميل) يرعى تيفو الأهلي تقدمت شركة عبداللطيف جميل برعاية تيفو الأهلي في احدى مبارياته في الدوري، وكان التيفو عبارة عن لافتات تحمل اسم عبداللطيف جميل، وقد بلغت قيمة التيفو لهذه المباراة قرابة الربع مليون ريال سعودي. مما يؤكد أن اهتمام الشركات بهذه الظاهرة يعد مرحلة مهمة في الاستثمار الرياضي الذي في المستقبل لن يحدد على قمصان اللاعبين واللوحات الدعائية فقط بل سيكون لتيفو الجماهير حصة من الرعاة، ولمدى أهمية التيفو وما يحمله من رسائل وشعارات لها الأثر الكبير على المشاهد، استطاعت شركة عبداللطيف جميل الظهور في مدرجات ملعب «الجوهرة المشعة» وقدمت جماهير الأهلي صورة مغايرة عن الجماهير الأخرى بحملها اسم شركة راعية كأول فكرة في الملاعب السعودية وقد تكون العربية. «لا نخسر بعض» حمى الحماس التي سيطرت على قطبي الرياض النصر والهلال قبل نزال الديربي الأخير، وبلغ التعصب مرحلة متقدمة عن المواسم الماضية حيث يتبادل جماهير الناديين السخرية والمناوشات الدائمة بينهما، وزاد السجال كثيراً بعد عودة النصر للبطولات حتى اتسعت دائرته مع اتساع مواقع التواصل وتنوعها، وكانت لشركة موبايلي وقفة في هذا الجانب لإخماد نار التعصب ومحاولة منها للتقليل من حدة المنافسة الدائمة خارج المستطيل الأخضر وكانت ملاعبها في المدرجات والمواقع والمنتديات، ووجهت بهذا التيفو رسالة للناديين ولجميع الأندية، بأن كرة القدم منافسة شريفة تبدأ وتنتهي بصافرة الحكم. وبحكم العلاقة الاستراتيجية التي تربط الشركة بالناديين، فقد تكفلت موبايلي بتيفو حمل عبارة (لا نخسر بعض) كرسالة موجهة لكل مشجع رياضي متعصب، ووضعت اللافتات في مدرجات الناديين وبألوان الفريقين، ولكن لم تصل الرسالة للرضى التام كون الجماهير الهلالية مزقت التيفو بعد ترديد جماهير النصر لبعض العبارات التي أزعجتهم، ولكن بالمجمل فالفكرة كانت مميزة وتؤكد أن التيفو أصبح من الضروريات في المدرجات. الاتحاد طل وغلب الكل الجماهير الاتحادية كان لها حضور قوي في هذه الظاهرة بالإضافة لحضورها الطاغي هذا الموسم، ولم يكن عملها مجرد اسم يكتب أو تنافس أشبه «بالتقليد»، بالرغم من ان طريقة التيفو لا تتناسب مع نمط التشجيع المعروف عن الاتحاديين، إلا أنهم تفوقوا على أنفسهم أولاً وكسبوا احترام ومحبة الجميع، بعدما رفعوا أجمل تيفو على الإطلاق باتفاق الكل، وهو يحمل عبارة «حبيبي يا رسول الله» لأشرف الخلق محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. بالإضافة إلى أن هناك لافتات بعدة لغات للعالم تحمل ذات العبارة، وكانت الجماهير الاتحادية على الموعد وقدمت رسالة دعوية كبيرة ساهمت في التعريف بالرسول الكريم. وعبر المشائخ والدعاة في المملكة عن شكرهم لما قدمته جماهير العميد من رسالة جميلة تمثل الشاب المسلم، واستغلت الرياضة بطريقة ذكية لنشر الرسائل التعريفية برسولنا الحبيب الذي تعرض لإساءات كثيرة، وهذا يمثل الدور الأمثل في تحويل الرياضة لرغباتنا الدينية وهي خير وسيلة للوصول والانتشار في هذا الوقت. ويعتبر هذا التيفو الوحيد الذي اتفق عليه الرياضيون وغيرهم، وتفاعلت معه كافة شرائح المجتمع، وتداولته العديد من الصحف والمواقع والقنوات المحلية والخليجية والعربية والعالمية، وقد غير الاتحاديون النظرة إلى التيفو، ليكون ذا رسالة قيمة ولها أهداف كثيرة لا تقتصر على كرة القدم فقط. حضور جماهيري سجل دوري عبداللطيف جميل هذا الموسم رقما قياسيا وغير مسبوق في عدد الحضور الجماهيري بعد مضي 16 جولة تجاوز عدد المليون مشجع، ويعود هذا التزايد في الحضور للتيفوهات التي تعملها الجماهير في المباريات مما يزيد من الحضور لاكتمال جمالية التيفو. وخطفت المدرجات الأنظار عند دخول الفريقين وتوجهت عدسات الكاميرات عليهم، وأصبح المعلقون يتغنون كثيراً فيما يقدمونه، وينتظر المشاهد ماذا سيقدم جمهور الفريق في المدرج وماهي رسالته. والتيفو أعاد الجماهير مجدداً للملاعب، وحفزهم للحضور كون التنافس بين الأندية تحول من المستطيل الأخضر إلى المدرجات، وبالرغم من قصر المدة التي يعرض فيها «التيفو» إلا أن العمل يستمر ساعات وأحياناً يتواصل لأيام على حسب الفكرة وحجمها وطريقة توزيعها في المدرجات، حيث تفتح بوابات الملعب للجماهير المختصة بتزيين التيفو قبل المباراة الرسمية بيوم أو يومين. تيفو الاتحاد تيفو الهلال تيفو النصر