بقيت دقيقة واحدة لمنتصف الليل بالنسبة لليورو. والمواجهة بين اليونان ودائنيها، بقيادة ألمانيا، تبدو بشكل متزايد وكأنها قد تؤدي إلى أن تخرج إحدى البلدان من العملة المشتركة لأول مرة. إن تعليق الحكومة اليونانية الجديدة لمبيعات أصول الدولة والخطط لإعادة توظيف العاملين في الحكومة وزيادة الأجور أدت إلى تعثر المفاوضات. لكن التعنت الألماني هو الذي يرغم اليونان على الدخول في مأزق مالي، والذي يعد خروج اليونان من منطقة اليورو هو الخلاص الوحيد. ما الذي يجعل المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل عنيدة جدا وبلا هوادة؟ إليكم ثلاثة من التفسيرات المحتملة: 1. ترى ألمانيا أن النجاة ممكنة بعد خروج اليونان، ليس هذا فقط، وإنما في الواقع هو أمر مرغوب فيه. في بداية العام، نشرت مجلة دير شبيغل الألمانية مقالة خطيرة مفادها أن حكومة ميركل قررت أن خروج اليونان من منطقة اليورو قد يحدث دون إلحاق الضرر بمشروع العملة الأوسع نطاقا. ذكر العنوان الرئيسي: «التذمر من الخروج: ألمانيا تفتح موضوع خروج محتمل لليونان من منطقة اليورو». بإعادة القراءة مع الاستفادة من التجارب السابقة، نجد أن المقالة قد ذهبت أبعد من ذلك، حيث إن الجزء المهم هو: لم يعد المسؤولون في برلين وبروكسل مقتنعون الآن فيما يسمى «نظرية الدومينو»، التي تنص على أن الانهيار اليوناني سوف تعقبه انهيارات أخرى. لقد تم استبدالها ب»نظرية السلسلة»، التي تنص على أن السلسلة الكاملة قد تصبح أقوى إذا تم القضاء على أضعف حلقاتها. حتى بينما تصل المناقشات بين اليونان ودائنيها بشكل متزايد إلى طريق مسدود، إلا أنه لا توجد هنالك تقريبا أدلة على انتقال العدوى. تتمتع البرتغال، التي عادة ما ينظر إليها على أنها ثاني أضعف عضو في اليورو، بتكاليف اقتراض على السندات لأجل 10 سنوات اليوم والتي تعتبر اليوم قريبة جدا من المستويات القياسية المتدنية التي وصلت لها قبل بضعة أسابيع فقط. إليكم تجربة فكرية: في صباح اليوم الذي يتلو إعادة إدخال الدراخما، هل سيكون اليورو أقوى أم أضعف استنادا إلى مستويات تداوله في سوق العملات الأجنبية؟ قبل بضعة أشهر، كنت سأقول: إن الخروج قد يكون كارثيا بالنسبة لصحة مشروع منطقة اليورو. أما الآن، أنا لست متأكدا من ذلك. يرتفع اليورو نصف بالمائة مقابل الدولار اليوم، حتى بعد انهيار المحادثات بين اليونان ووزراء المالية في منطقة اليورو الليلة الماضية. قد يكون سبب ذلك هو توقع المستثمرين لوجود حل وسط. لكن قد يكون السبب أيضا هو أنهم لم يعودوا مهتمين كون اليونان داخل او خارج المنطقة. 1. قد تضحي ألمانيا باليونان للحفاظ على الآخرين في تماشي مع بعضهم البعض. لقد كانت ألمانيا متمسكة بمطالبها للانضباط في المالية العامة من جيرانها وإصرارها على التقشف الاقتصادي، إلا أن الآخرين ليسوا حريصين على ذلك. كانت فرنسا تهمس بصوت أعلى من أي وقت مضى حول الحاجة لتعزيز النمو، بينما في إسبانيا، يقود حزب بوديموس المناهض للتقشف استطلاعات الرأي الإسبانية، مع إجراء انتخابات مقررة قبل نهاية العام. إن التنازل عن مساحة لليونان لكي تبقى داخل منطقة اليورو قد يشجع البلدان الأخرى لتعزيز مطالبها نحو المزيد من الإنفاق والتقليل من تخفيضات الميزانية. مرة أخرى، تبدو مقالة مجلة دير شبيغل في الخامس من يناير متبصرة: يخشى المسؤولون في برلين من أن الرضوخ لحكومة يسارية جديدة في أثينا قد يضع كلا من سياسات الإصلاح والتقشف المثيرة للجدل في موضع تساؤل - وهذه احتمالية قد تكون موضع ترحيب في فرنسا وإيطاليا، حيث لم يلق فيها الإصلاح ترحيبا واسعا. في أعقاب الانتخابات اليونانية التي جرت في الخامس والعشرين من يناير، بدت فرنسا وكأنها تصدر أصواتا تصالحية إزاء التوصل إلى حل توفيقي للإبقاء على دعم تمويل اليونان مستمرا. لكن بالأمس، علق وزير المالية ميتشيل سابين بموقف أوروبا الرسمي بأن توسيع برنامج إنقاذ اليونان هو السبيل الوحيدة للمضي قدما. بالاستمرار في برنامج التقشف، تبدو ألمانيا أنها تثير جلبة أمام نظيراتها في الاتحاد الأوروبي للرجوع إلى مسار السلوك الاقتصادي السليم على الطريقة الألمانية. 1. ألمانيا ليست مهتمة في نظرية الألعاب لقد قيل الكثير حول خلفية نظرية الألعاب لوزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس، وكيف أنها يمكن أن تساعد أثينا في التوصل إلى حل توفيقي. لكن الناس أقل عقلانية وأقل منطقية في المفاوضات الحقيقية من تلك النظرية. كما قال زميلي جوستين فوكس في وقت سابق من هذا الشهر: إن مفاوضات اليونان حتى الآن مع الاتحاد الأوروبي أدت مرارا وتكرارا إلى الحصول على نتائج سببت الضرر لكلا الجانبين، إذ أصبحتا عالقتين في معضلة بالغة - والتي تبدو أنها السبب الإضافي في محاولة زعزعة المفاوضات. في المفاوضات اليونانية، تقوم اثنتان من الأيديولوجيات المعارضة المتصلبة بالتصارع فيما بينهما، وهذه قوة يبدو أن ولاية اليونان الديموقراطية لا قِبَل لها في مواجهة الكائن غير المتحرك وهو الفلسفة الاقتصادية الألمانية. في روايته «المشي على الزجاج»، اقترح إيان بانكس أن النتيجة الوحيد في مثل هذا الاصطدام هو أنه «يجب أن تتوقف القوة التي لا يمكن إيقافها، وأن يتحرك الكائن الذي لا يمكن تحريكه.»