يتوقع أن يعاني النمو الأميركي من أول الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ولا سيما ما يتعلق منها بالرسوم الجمركية، الأمر الذي قد يغذي التضخم ويؤدي إلى تراجع الاستهلاك على ما يحذر خبراء. يضاف إلى ذلك عدم وضوح الرؤية حول تطور هذه الرسوم التي أعلنت مطلع فبراير وتشمل كنداوالمكسيكوالصين، ودخلت حيز التنفيذ . وقد أشعلت الرسوم التي فرضها ترمب بنسبة 25 % على السلع الكندية والمكسيكية و20 % على المنتجات الصينية وتضاف إلى الرسوم المفروضة أصلا، الحرب التجارية مجددا مثيرة إجراءات رد من جانب أوتاوا وبكين في حين تتريث المكسيك حتى الآن. إلا أن تبعات هذا الإجراء باتت تظهر على الاقتصاد الأميركي، فإلى جانب التراجع الكبير في بورصة وول ستريت في الجلستين الأخيرتين، تنخفض مؤشرات ثقة المستهلكين فيما بدأ الصناعيون يظهرون مؤشرات تردد، لافتين خصوصا إلى الرسوم الجمركية كمصدر قلق. والأسوأ من ذلك أن مؤشر الاحتياطي الفدرالي في إتلانتا يظهر خطر تسجيل الاقتصاد الأميركي ركودا في الربع الأول في حين كان سجل نموا بنسبة 2,3 % بمعدل سنوي في الربع الأخير من 2024. وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة التأمين "نايشن وايد" كاثي بوستياتيشك لوكالة فرانس برس "تشكل الرسوم الجمركية صدمة تؤثر على الانتاج وتزيد الأسعار". وأوضحت أن الرسوم الجمركية المفروضة في حال الإبقاء عليها طوال السنة، قد تؤدي إلى تراجع النمو الأميركي بنقطة مئوية وإلى ارتفاع بنسبة 0,6 نقطة مئوية في التضخم الذي يبلغ راهنا 2,5 % بمعدل سنوي على ما يظهر مؤشر "بي سي إي" الأكثر اعتمادا من جانب الاحتياطي الفدرالي. ارتفاع كبير في الأسعار ويفسر حجم كميات السلع المعنية بالرسوم الجمركية الجديدة هذا التأثير الكبير. ففي حين شملت الرسوم الجمركية التي فرضت خلال ولاية ترمب الأولى سلعا بقيمة 380 مليار دولار غالبيتها صينية، فإن الرسوم الجديدة قد يصل مجموعها إلى 1400 مليار دولار وفق "تاكس فاونديشن". ويتوقع أن يكون التأثير على أسعار السلع سريعا ولا سيما المنتجات الباهظة مثل السيارات التي تمتد سلسلة انتاجها على الدول الثلاث الولاياتالمتحدةوالمكسيكوكندا. وتوقع صاحب شركة أميركية لبيع السيارات في مقابلة مع محطة "فوكس نيوز" أن يرتفع سعر سياراته بمعدل 20 ألف دولار. ويستعد القطاع العقاري أيضا لتلقي صدمة وخصوصا أن نصف الخشب المستخدم في البناء في الولاياتالمتحدة كان مصدره كندا في 2021. وقد تعمد أوتاوا الى فرض رسوم جمركية بنسبة 50 % في الأسابيع المقبلة. وقالت ديان سوونك كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "اكي بي ام جي" في تصريح لوكالة فرانس برس "قد لا تتمكن بعض الشركات من الاحتفاظ باليد العاملة الحالية". وما يزيد الوضع حساسية أنه خلافا لولاية ترمب الأولى، بات شركاء الولاياتالمتحدة التجاريون أكثر استعدادا وسيستهدفون "نقاط ضعف" الاقتصاد الأميركي بحسب قولها. إجراءات رد بهدف سياسي وتوقعت سوونك "أن (هذه الدول) قد تتحرك بطريقة تبطئ سلاسل الإمداد ما قد يزيد من التضخم" مع نهج "استراتيجي أكثر" من ذلك الذي تعتمده الولاياتالمتحدة و"يطال خصوصا بعض القطاعات التي لها تأثير سياسي أقوى". ويعني ذلك خصوصا استهداف اقتصاد الولايات التي يهيمن عليها الجمهوريون سياسيا. وقد تكون المنتجات الزراعية التي سبق للصين أن استهدفتها في 2019، أولى ضحايا إجراءات الرد على ما يرى زيندونغ جانغ الأستاذ في جامعة كورنيل ما قد يرغم الحكومة الفدرالية على إعادة تفعيل الدعم لهذا القطاع. خلال ولاية ترمب الرئاسية الأولى، تجاوزت كلفة هذا الدعم العائدات الناجمة عن الرسوم الجمركية. وأعلنت الصين رسوما جمركية بنسبة 10 و15 % على مجموعة من السلع الزراعية الأميركية فيما لم تخف كندا أن هذه المنتجات ستكون الأولى المستهدفة. ويرى خبراء اقتصاد أن خفض الضرائب وإزالة الضوابط التنظيمية قد يعوضان جزئيا تأثير الرسوم الجمركية على النمو. لكن الاقتصاد الأميركي يستعد للأسوأ على الفور ويتابع المحللون المؤشرات من كثب. -