كل منتخبات كرة القدم تمر بظروف تكون بوجود مسبباتها وتنتهي حال إيجاد الحلول الفعلية في أقصر مدة، ورغم وصولها لمرحلة الإخفاق إلا أنها تستعيد قواها وتوازنها، ولم تتأخر في مراحل النهوض. وحين تتأمل تاريخ لعبة كرة القدم تكتشف أن لكل فريق عصراً ذهبياً تتجسد خلاله الإنجازات وتلمع الأسماء في سماء المجد سواء من الجهازين الإداري والفني أو اللاعبين. وقد تستمر على هذا الوضع لأجل مسمى قبل أن تدخل في طور النكوص وتسليم زمام المبادرة لنشء آخر، وعلى هذا المنوال حتى تواكب كل التحديات. قبل نحو 30 عاماً كان رؤساء الأندية السعودية يستهدفون ضم اللاعب السعودي ويتيحون الفرصة للمدرب الوطني بشكل مغاير عن وقتنا الحالي، وهما ميزتان تصبان في مصلحة مستقبل المنتخب، إضافة إلى الهدف الأهم وهو جودة الاختيار التي تحدد أحقية اللاعب للانضمام إلى المنتخب. الملاحظة التي أدهشتني وعرفتها حقا أن نجومية اللاعب السعودي تظهر جلية في ناديه وتبرز أكثر بمساعدة اللاعب الأجنبي، وعندما يضم إلى المنتخب الذي لا يوجد فيه لاعب أجنبي تتجلى الحقيقة وتصبح تلك النجومية مخيّبة للآمال. والعجيب أن فترة الإنجازات للأخضر تعد قصيرة أشبه بالحلم مقابل عصر النكوص وتوالي مواسم الخريف لأوراق الأخضر التي باتت تتساقط ورقة تلو الأخرى. ففترة شعلة نشاطه الأخيرة في مسابقة أمم آسيا وتصفيات كأس العالم أقصر من عصر تدني مستواه الرياضي الذي عاش فيه لأكثر من 30 عاما. وفي حين بلغ تفوق الأخضر أوجه في عصر الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- دخل بعده في عصر التراجعات والعودة إلى صورة أقل تقدما وما زالت رغم مظاهر تغيير الجهازين الإداري والفني مستمرة حتى الآن!! والحقيقة أن حيرتنا تتضح وتدعو للتساؤل حين نرى حال منتخبنا الآن وقد بهت لونه الأخضر عن المعتاد بعد غياب روح الإبداع وقلة الإمتاع وما آل إليه الواقع دون إيجاد كشف لسر هذا التراجع. أمام هذه الإشارة، علينا أن نتساءل: لماذا في كل مسابقة مهما كانت مجموعاتها، قوية أو متوسطة أو ضعيفة تتوحد أصوات الجماهير والنقاد ضد أداء المنتخب؟! ألم تكن كل تلك الأصوات جديرة بالنظر؟! فرغم مظاهر المادية التي نعيشها، ورغم استعمالنا المرافق الرياضية، ورغم إشراك اللاعب الأجنبي للاستفادة من خبرته إلا أنها مجرد مظاهر استهلاكية غير مجدية، ولم نحقق أي مساهمة فعلية يسجلها التاريخ في جعبة الانجازات الرياضية خلال ثلاثة العقود الماضية، صرنا جميعا نترحم على زمن كان عنوانه الصقور الخضر، وليس يعني ذلك انها المطالبة بجر العربة إلى الوراء أو إرجاع عقارب الزمن إلى ما مضى، بل هي دعوة صادقة للقيام بخطوات ترفع من مستوى ثقافة الفكر الرياضي إداريا وفنيا وإعلاميا، وذلك بالاستعانة بخبرة المعنيين بالرياضة.