التفاعل الاقتصادي الحاصل في السعودية هذه الأيام مع هبوط أسعار النفط يتماشى مع المثل القائل: رب ضارة نافعة. فقد بدأ المركز السعودي لكفاءة الطاقة «كفاءة» بحملة #بكيفك، والتي تهدف إلى توعية المستهلك باقتصاديات استهلاك الوقود للسيارات. وقامت وزارة التجارة بوضع عدم وجود بطاقة «كفاءة» على السيارات ضمن قوانين مكافحة الغش التجاري، باعتبار توفير هذه المعلومات حقا من حقوق المستهلك. يستهدف المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة تحسين معدل اقتصاد وقود المركبات في المملكة بنحو 4% سنوياً، لنقله من مستواه الحالي عند نحو 12 كيلومتراً لكل لتر وقود، إلى مستوى يتخطى 19 كيلومتراً لكل لتر وقود في العام 2025، وهو أعلى من المستوى الحالي في أوروبا، ما يجعله هدفا طموحا. وكما أن الحملة تستهدف توعية المستهلك النهائي، فمن المنطقي توقع أن من سيعمل على تحقيق هذا الفرق هو المستهلك النهائي. عند النظر إلى المعلومات المنشورة على موقع حملة #بكيفك والتي تؤكد أن سيارات النطاق الأخضر أوفر للمستهلك، نجد أن الفرق في التوفير بين أدنى النطاقات وأعلاها كفاءة يصل إلى 30%، فهل تكفي هذه النسبة لتكون حافزا يدفعنا لتحقيق هدف البرنامج بتخفيض استهلاكنا للوقود؟ كجزء من الحملة الإعلامية التي رافقت إطلاق حملة كفاءة، صدر خبر مفاده أن استهلاك السعودية اليومي من البنزين يصل إلى 811 ألف برميل، كما أن إجمالي عدد السيارات يقف عند 12 مليون سيارة بنمو سنوي يصل إلى 7%. أي أن كل مركبة تستهلك ما يقارب 11 لترا من الوقود يوميا، أو 330 لتر شهريا. ما يعني أن التكلفة الشهرية في حدها الأعلى، عند حسابها على بنزين ممتاز 95 والذي يكلف 90 هللة ستصل إلى 300 ريال شهريا، وبالتالي فإن أقصى ما يمكن أن يوفره المستهلك هو 90 ريالا فقط في كل شهر. فهل ستدفع هذه التكلفة لتغيير النمط الاستهلاكي؟ أعتقد أن المعادلة لو كانت مبنية على الأسعار العالمية للبنزين، وأحس المواطن بأن الفرق هو عائد مهدر من نصيب الفرد من الناتج المحلي لكان الحافز أكبر. الحل يكمن في زيادة الحافز للتوفير بزيادة تكلفة الاستهلاك بمراجعة شاملة لأسعار الوقود كما صرح محافظ مؤسسة النقد الدكتور فهد المبارك بضرورة إعادة النظر في سياسات دعم الأسعار لمواجهة التحديات الاقتصادية في السعودية. فمن الممكن توسيع برنامج المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة ليشمل ضريبة على السيارات المتدنية الكفاءة، على أن تصرف أموال الضريبة لترويج السيارات الهجينة ومكافأة أصحاب الاستهلاك الأقل. فالحافز المادي المباشر هو المحرك الرئيس لأي تغيير في سلوك المستهلكين.