على مدى الأشهر الستة الماضية، انخفضت أسعار النفط بأكثر من 50 بالمائة إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل، وهو المستوى الأدنى لها منذ قبل نهاية مرحلة الركود في عام 2009، وأدى هذا إلى انخفاض في أسعار البنزين، والتسبب بالآلاف من حالات البطالة في القطاع النفطي- وتحفيز موجة من تصيد الصفقات بين المستثمرين الذين يرون هذا على أنه فرصة نادرة للشراء قبل بدء الأسعار لمشوارها الحتمي نحو الصعود فيما بعد. يقول دان ديكر، تاجر نفط سابق ورئيس ميركبلوك، شركة لإدارة الثروات في نيويورك: «هنالك الكثير من الصيد في قاع البحار يحصل الآن». وأضاف: «يدرك كل فرد في هذه الصناعة أن الأسعار لن تبقى إلى الأبد منخفضة في مثل هذا المستوى. إن السؤال ليس ما إذا كانت سترتفع أم لا، وإنما متى سترتفع». بالنسبة لأولئك الذين يراهنون على حصول انتعاش سريع، قد يكون الطريق الأكثر مباشرة لتحقيق الربح هو شراء بعض النفط الخام المادي، وتخزينه، ومن ثم بيعه بأعلى سعر في السوق. لكن ما لم تكن لديك شركة كبيرة لتجارة الطاقة يمكنها استئجار ناقلة نفط لعدة أشهر، فإن هذا الحل لا يعتبر خطوة عملية. هنا يأتي دور سوق العقود الآجلة، حيث قام المضاربون بتداول أسعار عقود النفط الآجلة في بورصة نيويورك منذ عام 1983. إن شراء عقد مستقبلي يسمح للمستثمر بالمراهنة على أسعار النفط دون الاضطرار إلى تسلم المادة، وهذا عادة ما يحصل عندما تستثمر صناديق التحوط في النفط. في يونيو، عندما كانت الأسعار فوق 100 دولار للبرميل، قام المضاربون بمراكمة سجل طويل في أسعار عقود النفط الآجلة، على أمل أن تستفيد من ارتفاع الأسعار. عندما هبط النفط، قام مدراء الأموال ببيع عقودهم، مضيفين زخما للتراجع الذي حصل. الآن يراهن المضاربون مرة أخرى بأن الأسعار سترتفع. في الفترة الأخيرة اشترت صناديق التحوط ومدراء الأموال الكبيرة الأخرى ما يعادل 24.6 مليون برميل من نايمكس، مضيفين لموقفهم الصعودي الأكبر منذ شهر أغسطس. لكن علينا ألا ننسى أن سوق العقود الآجلة يمكن أن تكون مكانا خطيرا حتى بالنسبة للمستثمرين الأفراد الأكثر تطورا، لسبب واحد، وهو أنها متقلبة. تتأرجح أسعار النفط بانتظام بين 3 بالمائة إلى 5 بالمائة في اليوم الواحد - وهذا النوع من التحركات التي ترد كعناوين رئيسية في سوق الأوراق المالية. تضع الصناديق النشطة التي تقوم بالتحوط في مجال الطاقة عادة 10 بالمائة إلى 25 بالمائة فقط من إجمالي أصولها المعرضة للخطر في السوق الآجلة. يقول جون كيلدوف، شريك لدى (أجين كابيتال)، صندوق تحوط يركز على الطاقة: «حتى المحترفون في التداول يتعاملون الآن بمنتهى الحذر». بالرغم من أنهم يعتقدون أنهم قد يحصلون على صفقة جيدة كون الأسعار منخفضة بهذا الشكل، كما يقول كيلدوف، إلا أن تداولات النفط الآجلة ليست على الإطلاق ما تتصور أنه ينبغي على المستثمرين العاديين القيام به الآن. هذا لم يمنع الناس العاديين من المحاولة، وواحدة من الطرق الأكثر شعبية للمستثمرين العاديين لكي يصلوا إلى سوق النفط هي من خلال الصناديق المتداولة في البورصة، التي يتم شراؤها وبيعها في البورصات مثل الأسهم والسلع الأساسية والسندات ومؤشرات الأسهم. منذ نهاية شهر نوفمبر، وضع المستثمرون حوالي 7.3 مليار دولار في الصناديق المتداولة في البورصة المرتبطة بالنفط، وحوالي 1.3 مليار دولار منها ذهب إلى صندوق النفط الأمريكي الذي يستثمر في عقود النفط الآجلة التي سينتهي أجلها خلال فترة قصيرة، وهذا يعادل ما أخذه صندوق النفط الأمريكي خلال عام 2013 بأكمله ويعد إلى الآن أكثر النقد الذي اجتذبه أي من الصناديق المتداولة للنفط. إن جزءاً مما يجعل صندوق النفط الأمريكي جذابا هو حساسيته للحركات قصيرة الأجل في أسعار النفط، لكن كما كتب إيريك بالاكوناس، المحلل لدى نشرة «بلومبيرج إنتيليجينس»، في تقرير صدر مؤخرا، تنتهي منافع صندوق النفط الأمريكي إلى حد كبير هناك. على المدى الطويل، تنهار علاقتها المتبادلة مع أسعار النفط بسبب ارتفاع التكاليف المرتبطة بإدارة المواقع في السوق الآجلة، والالتزام بمواصلة إبرام العقود التي سيأتي يوم وتنتهي صلاحيتها. منذ أن بدأ التداول في شهر أبريل من عام 2006، خسر صندوق النفط الأمريكي حوالي 75 بالمائة من قيمته اعتبارا حتى منتصف يناير، بينما كان سعر النفط الفوري منخفضا بنسبة 26 بالمائة. يقول جون هايلاند، رئيس الاستثمار لصندوق النفط الأمريكي، إن الصندوق يعد «أداة تداول تكتيكية تستخدم بشكل كبير من قبل المتداولين المحترفين»، وليس من المفترض أن يكون استثمارا للبيع والاحتفاظ. يقول كيلدوف: إن صندوق النفط الأمريكي يعد فكرة أسوأ عندما يكون من المتوقع ارتفاع الأسعار، كما هي الآن، وتكون الأسعار قصيرة الأجل أدنى من الأسعار طويلة الأجل، وفي ظل تلك الظروف، عندما ينهي صندوق النفط الأمريكي العقود التي يمتلكها كل شهر ويقوم بشراء عقود جديدة، ينتهي به الأمر ببيع النفط بأسعار منخفضة وشراء نفط أغلى سعرا. اعتبارا من العشرين من يناير، كان يتم التداول بالنفط الخام الجاهز للتسليم في شهر مارس بسعر يزيد بمقدار 40 سنتا للبرميل الواحد من سعر النفط الخام الجاهز للتسليم في شهر فبراير. يقول هاري تشيلينجيرين، رئيس استراتيجية أسواق السلع الأساسية لدى بنك بي إن بي باريبا: «الآن، نمر بوضع بالغ الصعوبة للاستثمار في صناديق الاستثمار المتداولة للنفط». تمتلك صناديق الاستثمار المتداولة التي تقوم بشراء أسهم شركات الطاقة غالبا تكاليف منخفضة نظراً لأنها تتجنب التعامل مع المشتقات المالية المعقدة، وتميل أيضا إلى الاستيلاء على نصيب أكبر من الزيادة عند ارتفاع أسعار النفط. يقوم صندوق (SPDR) لقطاع الطاقة بتتبع مسار شركات النفط والغاز الكبيرة مثل شركة إكسون موبيل وشركة شيفرون، وفي عام 2009، عندما قفزت أسعار النفط بنسبة 78 بالمائة، حقق الصندوق مكاسب بحدود 22 بالمائة. تقول بوبي مونرو، مخطط مالي في فلوريدا، إنها تقوم بتوجيه العملاء نحو صناديق الاستثمار المتداولة للطاقة الطليعية والتي تشتري أسهم منتجي النفط والغاز بالإضافة إلى مشغلي خطوط الأنابيب والمصافي، وقد كان عائدها السنوي حوالي 2 بالمائة خلال الشهور ال 12 الماضية، لذلك حصل المستثمرون على بعض العوائد على الأقل. لقد سألها عملاؤها عن صناديق الاستثمار المتداولة للسلع الأساسية، لكنها حذرت منها، وتقول: «إن تلك هي مجرد طرق أجمل لخسارة المزيد من المال». الاستراتيجية الأخرى هي في الاستثمار في سندات شركات النفط بدلا من أسهمها، ولقد تم تمويل فترة ازدهار النفط الصخري الأمريكي من قبل كميات كبيرة من الديون التي كانت على شكل سندات، التي تم تصنيف الكثير منها بأن في مرتبة تقع دون المرتبة الاستثمارية. على مدى السنوات الثلاث الماضية، أصدرت شركات الطاقة ذات التصنيف المتدني ما يقارب من 90 مليار دولار من السندات، ولقد كانت الكثير من تلك الشركات تنفق المزيد من المال أكثر مما كانت تجنيه حتى عندما كانت أسعار النفط مرتفعة. بالتالي فإن النفط الرخيص ليس من شأنه إلا أن يجعل تلك المشكلة أسوأ بكثير من قبل. يقول تشاد مابري، محلل للنفط لدى البنك الاستثماري (إم إل في): «لن تتمكن كل تلك الشركات من النجاح واجتياز هذه المحنة». إلا أن بعضها سيتمكن. لقد أمضى تيموثي باركر، شريك لدى (إدارة الثروات ريجينسي) في رامسي، نيوجيرسي، الأشهر القليلة الماضية ممعنا النظر في سندات بعض منتجي النفط الأمريكيين الأكثر مديونية، وهو الآن على استعداد للشراء. يقول: «هنالك الكثير من الأشياء القبيحة، لكنني فوجئت بالنتاج الجيد لبعض تلك السندات».