عززت العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي مكاسبها الجمعة بعدما أظهرت بيانات أن أسعار المستهلكين في الولاياتالمتحدة ارتفعت في ابريل كما كان متوقعا، لكنها لم تنطو على مؤشر قوي على تسارع التضخم بشكل واسع النطاق. الخام الأمريكي يتجاوز مستوى ال «100» دولار في بورصة نايمكس للنفط ( رويترز ) وفي بورصة نيويورك التجارية «نايمكس» ارتفعت عقود الخام الأمريكي الخفيف تسليم يونيو 32ر1 دولار الى 29ر100 دولار للبرميل بحلول الساعة 12:34 بتوقيت جرينتش، وقبل أن تصدر وزارة العمل هذه البيانات كان العقد مرتفعا 91 سنتا عند 88ر99 دولار . من ناحية أخرى توقع محللون أن تستمر التقلبات الحادة في أسعار النفط لعدة شهور مقبلة بعد أن بلغت أعلى مستوياتها في عامين هذا الأسبوع ، فيما تتزايد هيمنة القادمين الجدد نسبيا الى الأسواق على التداولات. وشهدت أسواق النفط والسلع الأولية الأخرى تقلبات حادة منذ الخامس من مايو في رد فعل عنيف على بيانات الاقتصاد والعملات والمخزونات، وقال انجيلوس داماسكوس المدير التنفيذي لسكتور انفستمنت مانجرز : ستتواصل التقلبات حتى نهاية العام، وسيكون هناك المزيد من التقلبات العنيفة في كلا الاتجاهين ولن نشهد مزيدا من الاستقرار قبل الربع الأخير، وبلغ نطاق التقلبات الكبيرة في أسعار خامي القياس العالميين مزيج برنت والخام الأمريكي الخفيف أكثر من 60 بالمائة بعد عامين من تراجع الأسعار، ويقول مديرو الصناديق والمحللون: إن التقلب الحاد يعكس زيادة مستويات استثمارات الأفراد والمضاربات في أسواق السلع الأولية، إذ توفر المنتجات المتداولة في البورصة فرصة للمستثمرين لدخول الأسواق بسهولة دون الحاجة لخبرة كبيرة، وقال مدير صندوق تحوط للسلع الأولية ومقره لندن الذي طلب عدم ذكر اسمه: نشهد المزيد من المستثمرين عديمي الخبرة يدخلون أسواق السلع الأولية ويركبون موجة اتجاه ما، وعندما تكون هناك أخبار صغيرة عن تصحيح فإما أن يسيئوا تفسيرها أو يتغير الاتجاه مؤقتا وسيكون هناك انخفاض محدود وسيقومون بالبيع بسرعة بناء على ذلك، وقال مايكل كورن رئيس برينستون للسمسرة التابعة لسكوكي انرجي ومقرها نيوجيرزي: إن التقلبات لقيت دعما من كميات ضخمة من الأموال التي يوزعها مديرو الصناديق والمستثمرون غير المحترفين، وأضاف أن الأموال التي استخدموها تشهد نموا، وقال كارل لاري مدير تداول وبحوث المشتقات في بلو أوشن للسمسرة : هناك مبالغ ضخمة تتحرك بسرعة بعضها يستثمره أشخاص أصحاب خبرة قليلة، وهذا يدفع المتعاملين في السوق الفورية الى عدم المشاركة خلال التحركات السريعة في الأسعار ، واستطرد قائلا: المتعاملون في السوق الفورية ينسحبون بكل تأكيد حتى تتوقف التقلبات. كما يدفع تزايد التقلبات في العقود الآجلة أيضا اللاعبين التقليديين مثل المتعاملين في السوق الفورية الى الانسحاب ما يصعب عليهم التحوط لمتطلبات العرض والطلب، والأسبوع الماضي تغيرت المعنويات بسبب الشكوك حيال النمو العالمي، فيما رفعت الصين أسعار الفائدة، وجاء هذا عقب شهور من المخاوف بشأن تراجع الإمدادات النفطية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب الحرب الأهلية في ليبيا، وانخفضت أسعار النفط أكثر من 20 بالمائة الأسبوع الماضي، إذ تراجع سعر خام برنت الى نحو 105 دولارات قبل أن يتعافى جزئيا. وأمس الجمعة ارتفع سعر الخام الأمريكي في المعاملات الآجلة بأكثر من دولار ليتجاوز مائة دولار للبرميل في حين مازالت سوق النفط تشهد تذبذبات كبيرة. كما ارتفع مزيج برنت خام القياس الأوروبي بأكثر من دولار الى 01ر114 معوض خسائر تكبدها في وقت سابق. كما أجبر رفع متطلبات هامش التعاملات على النفط والفضة في بورصة سي.إم.أي للعقود الآجلة المضاربين على تعديل مراكزهم ما أثار المزيد من التقلبات، وأشار مديرو الصناديق الى التداول المنتظم الذي يؤدي الى وقف الخسائر عند تجاوز المستويات الفنية، وقال نيجول كولاجيان مدير الاستثمار لدى كويست بارتنرز لاستشارات التجارة في السلع الأولية: إن التحولات تتسارع في أسواق النفط والحبوب وهو نتيجة ثانوية لوجود كثير من الأشخاص يتداولون هذه السلع بنفس الإستراتيجية، وذكر انه عندما تصعد السوق يحدث رد فعل ايجابي، وبالتالي يرتفع السعر مع إقبال الناس على توسيع مراكزهم، لكن عندما تشهد السوق تصحيحا يهرع الجميع للبيع في نفس الوقت، وأضاف أن هذا الاتجاه أصبح أقوى عما كان عليه مع وجود كثيرين يجرون تعاملاتهم على أساس عوامل فنية، ولا يجد المستثمرون سببا لعدم استمرار التقلبات المفرطة وسط المخاوف من انتهاء إجراءات التيسير الكمي وأزمة ديون منطقة اليورو والتضخم، وقال كولاجيان: إن التيسير الكمي شجع المستثمرين على شراء السلع الأولية لحماية مدخراتهم، وأضاف السيولة في أسواق السلع الأولية صغيرة مقارنة مع الأسواق المالية، وقال: إن أي تحويل ولو صغير في الأصول من أسواق المال الى أسواق السلع سيؤدي، بالتالي الى تقلبات كبيرة في أسعار السلع الأولية، ونحن لسنا إلا في المراحل الأولى من هذا التحويل ونتوقع المزيد من التقلب وزيادة الأسعار في المستقبل.