أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً بتشكيل "لجنة وطنية عليا .. لمتابعة القضايا التي ستحال إلى المحكمة الجنائية الدولية"، برئاسة كبير المفاوضين صائب عريقات، وأربعين شخصية سياسية من مختلف الفصائل الفلسطينية وأكاديميين وحقوقيين ومؤسسات، بينها وزارتا الخارجية والعدل. وحدد المرسوم الرئاسي مهمة اللجنة ب "إعداد وتحضير الوثائق والملفات التي ستقوم دولة فلسطين بتقديمها وإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية"، في إشارة إلى عزمه المضي قدماً نحوها بالرغم من المعارضة الأمريكية والإسرائيلية. ويكلف المرسوم الرئاسي اللجنة الوطنية بمواصلة المشاورات مع المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المؤسسات الدولية والمحلية ذات الصلة، ومستشارين قانونيين، ومحامين وشركات محاماة ل "الدفاع عن أبناء الشعب الفلسطيني في مواجهة أية دعوى أو انتهاكات أو جرائم ترتكب بحقه وتقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية ". وكانت السلطة الفلسطينية وقعت اتفاقية روما التي تؤهلها الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، خاصة عقب الاعتراف بفلسطين دولة غير كاملة العضوية في الأممالمتحدة عام 2012. وكانت المحكمة الجنائية الدولية أعلنت الشهر الماضي، البدء من حيث المبدأ ببحث قضايا رفعتها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل فيما يخص حربها الأخيرة على غزة. غير أن المحكمة ستبحث مسألة قبول فلسطين عضواً في المحكمة في الأول من نيسان/أبريل المقبل. واتخذت إسرائيل مجموعة من الإجراءات ضد السلطة الفلسطينية عقب توقيعها على اتفاقية روما، ومنها وقف تحويل المستحقات الضريبية عن الشهرين الماضيين. وكان المكتب الصحفي للأمم المتحدة، قال الشهر الماضي: إن بان كي مون الأمين العام للمنظمة الدولية، أكد أن الفلسطينيين سيحصلون رسميا على عضوية المحكمة الجنائية الدولية اعتباراً من الأول من أبريل/ نيسان. ونقلت "فرانس برس" عن مسؤول حقوقي فلسطيني أن الإعلان الذي قدمته السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية، حدد الثالث عشر من حزيران/يونيو 2014 تاريخا لبدء التحقيق. وتعني تلك الخطوة أن الملفات التي من الممكن أن يقدمها الجانب الفلسطيني تشمل فقط قضايا ارتكبت ما بعد ذلك التاريخ. وسلم الفلسطينيون في وقت سابق من الشهر الماضي بمقر الأممالمتحدة وثائق الانضمام إلى اتفاقية روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقات دولية أخرى في خطوة أدت إلى تصاعد حدة التوتر مع إسرائيل ويمكن أن تدفع الولاياتالمتحدة إلى خفض مساعداتها. وبموجب قواعد المحكمة الجنائية الدولية، تسمح عضوية الفلسطينيين للمحكمة ومقرها لاهاي بأن يكون لها ولاية قضائية على جرائم الحرب أيا كان مرتكبها على الأراضي الفلسطينية دون إحالة من مجلس الأمن الدولي. وإسرائيل مثلها في ذلك مثل الولاياتالمتحدة ليست عضوا في المحكمة لكن الإسرائيليين يمكن أن يحاكموا على الأفعال التي يرتكبونها على الأراضي الفلسطينية. وردت إسرائيل على قرار الفلسطينيين الانضمام إلى عدد من المنظمات الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية بحجز أموال عائدات الضرائب التي تجبيها من سكان الضفة الغربية، نيابة عن السلطة الفلسطينية، وعلى البضائع التي تمر عبرها إلى السوق الفلسطينية بموجب اتفاقية باريس الاقتصادية. وأدى احتجاز هذه الأموال التي تشكل ثلثي دخل السلطة الفلسطينية إلى عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه 160 ألف موظف يعملون لديها في القطاع المدني والعسكري ودفعت لهم فقط 60 في المائة من مستحقاتهم عن شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي/ ولم تحدد موعداً بعد لدفع راتب شهر يناير/ كانون الثاني، أو النسبة التي ستدفعها منه. وقال واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضو اللجنة التي أعلن عن تشكليها لرويترز "هذا المرسوم يؤكد أننا ماضون قدما باتجاه المحكمة الجنائية الدولية بالرغم من القرصنة الإسرائيلية وسرقة الأموال الفلسطينية". وأضاف: "نحن لن نرضخ لأي ابتزاز من أي جهة كانت، وسيكون ملف الاستيطان الاستعماري أمام المحكمة الجنائية الدولية." وأوضح أبو يوسف أن اجتماعاً سيعقد للمجلس المركزي الفلسطيني الذي يمثل أعلى هيئة تشريعية فلسطينية قبل نهاية الشهر الجاري. وقال: "الاجتماع سيناقش تحديد العلاقة مع إسرائيل بما في ذلك موضوع التنسيق الأمني". وسبق أن أعلن مسؤولون فلسطينيون أنهم سيركزون على ملفي الاستيطان والهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة قبل خمسة أشهر كأولوية عند بدء توجههم للمحكمة الجنائية ابتداء من نيسان/أبريل المقبل. وفي شأن قضايا الاحتلال، كشفت الأسبوعية العبرية "كول هعير" عن مخطط استيطاني لما يسمى ب "سلطة أراضي إسرائيل" للاستيلاء على أراض واسعة في جبل المكبر جنوب المسجد الأقصى في القدسالمحتلة، وقالت: إن تلك الدائرة نشرت مناقصة لبناء 580 غرفة فندقية في منطقة تلة قصر المندوب السامي في المنطقة التي يطلق عليها اسم "الحوض المقدس" والمطلة على جبل الزيتون. وتشكل هذه المناقصة المرحلة الأولى من تسويق أراضي المخطط الذي يتضمن إقامة 1330 غرفة فندقية ونحو 2000 وحدة استيطانية ليهود مستجلبين ومستوطنين متزمتين من كندا وأستراليا. وقالت في تقرير طويل وموسع: إنه يشرف على هذا المخطط "سلطة أراضي إسرائيل" بالتعاون مع وزارة السياحة الصهيونية والشركة السياحية الحكومية. وتبلغ مساحة المخطط الشامل حوالي 129 ألف متر مربع معظمها مناطق فندقية والباقي مناطق تجارية ومواقف سيارات جميعها تقام على أراض فلسطينية خاصة مصادرة بحجة أن الأرض خضراء للزراعة لا يسمح البناء فيها للفلسطينيين. ووصفت الأسبوعية الإسرائيلية المشروع بأنه الأضخم جنوبالقدسالمحتلة ويتضمن - منطقة المشروع ثلاث قطع أراض تقسم إلى منطقتين: منطقة معدة لفندق يتكون من تسعة طوابق وطابقين آخرين تحت الأرض مع حوالي 180 غرفة فندقية وواجهات تجارية، وتتضمن المنطقة الأخرى قطعتي أرض أعدتا لإقامة فندق من عشرة طوابق (اثنان منها تحت الارض) تتضمن 400 غرفة وواجهة تجارية. وتكشف المناقصة أن ما يسمى ب"سلطة أراضي إسرائيل" هي التي تمول أعمال التطوير، أما وزارة السياحة ومن خلال الشركة السياحية الحكومية فستمول الرسوم والضرائب التي ستدفع لبلدية القدس وشركة المياه "جيحون".وقال ايهود عيني مدير منطقة الأعمال في القدس في "سلطة أراضي إسرائيل" :"هذه منطقة تعتبر من المساحات الكبيرة لاحتياطي الأراضي في المدينة والهدف منها إيجاد حلول للنقص بالغرف الفندقية في المدينة". وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قد أعطى تعليماته، مساء الجمعة، لوزير الجيش موشي يعلون، بالعمل فوراً على هدم مبان وكرافانات نشرها الاتحاد الأوربي بمناطق شرقي القدس، بالإضافة لمناطق C"".وجاء هذا القرار في أعقاب كشف القناة العبرية الثانية عن قيام الاتحاد الأوربي بنشر العديد من المباني المتنقلة بمنطقة "إي 1" شرقي القدس بالإضافة لمناطق في بلدة العيسوية بالقدس. وعقّب مصدر في الاتحاد الأوروبي على قرار نتنياهو" بالقول: "إن المباني جاءت بسبب الحاجة الفلسطينية الملحة". وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يعارض أي بناء استيطاني بالضفة مع التركيز على منطقة "إي 1" شرقي القدس والتي يشكل البناء الاستيطاني فيها حاجزاً أمام تواصل مناطق الدولية الفلسطينية العتيدة. إلى ذلك، حذر المهندس بسام الحلاق مدير مشروعات لجنة الإعمار في المسجد الأقصى المبارك، من خطورة تدخل الاحتلال الإسرائيلي في إعمار المسجد الأقصى وقال: إن المعوقات والتدخلات الإسرائيلية في أعمال ومشاريع الترميم بدأت منذ حوالي عشر سنوات، حيث تحاول الجهات الإسرائيلية وضع قيودها وشروطها المختلفة على أي مشروع أو أي عملية ترميم مهما كانت بسيطة في المسجد الأقصى. وأوضح أن المسجد الأقصى من أقدم المساجد في التاريخ ويحتاج إلى صيانة وترميم بشكل دائم، وهناك العديد من المشاريع الهامة الضرورية التي يحتاجها المسجد الأقصى،إلا أن الاحتلال يعرقلها وفرض شروطه التعجيزية للحيلولة دون تنفيذها. مؤكداً تعطيل الاحتلال تنفيذ 19 مشروعاً حيوياً في المسجد منها ما هو خطير وعاجل مثل المصلى المرواني الزاوية الجنوبيةالشرقية. وتابع يقول: "كذلك مشروع إطفاء الحريق، ففي المسجد الأقصى لا يوجد مركز للإطفاء، والمسجد بحاجة لتمديدات وإطفائيات كبيرة تتلاءم مع المسجد ومساحاته، وهناك مشروع وضع شفاطات لشفط الهواء الساخن في قبة الصخرة، ومشروع تبليط ساحات المسجد فالعديد من الأماكن بحاجة لذلك. وأضاف، أن الاحتلال يمنع إخراج جبال الأتربة من ساحات المسجد الأقصى، ويمنع ترميم الأعمدة الحجرية في المصلى المرواني وعددهم (100 عامود)، كما يمنع الاحتلال تغطية مولدات الكهرباء التي تم تركيبها قبل 4 سنوات وتبليط ما حولها، وهو ضروري لحمايتها من عوامل الطقس المختلفة، ويمنع إغلاق المنطقة الغربية على سطح الأقصى بالطوب، ويمنع زراعة أي نوع من الأشتال في ساحات الأقصى، ويمنع تركيب سماعات في المنطقة الغربية، إضافة إلى منعه فتح الباب الذهبي. وأوضح المهندس الحلاق، أن لجنة الإعمار تنفذ عدة مشاريع في الأقصى، وهي ترميم داخلي لقبة الصخرة، ويتم العمل بالمشروع منذ 3 سنوات، وبحاجة إلى حوالي سنة للانتهاء منه بالكامل، وترميم الفسيفساء في قبة الصخرة (الأقواس الداخلية)، ترميم الفسيفساء في رقبة قبة الصخرة من الداخل، ترميم الرخام الداخلي في الصخرة، ترميم السور الشرقي للمسجد الأقصى (الحجارة القديمة وإزالة الأعشاب) ويتم ذلك بشكل دوري. وأضاف: إن لجنة الإعمار تقوم بكسوة سطح الأقصى الغربي بالرصاص، وتعمل على ترميم وتبليط وتغير حجارة بالأروقة في المصلى المراوني، مشروع لتجديد النوافذ الجبصية في الأقصى، تجديد خط المياه ووضع نقاط إطفاء، تجديد الأبواب في المسجد القبلي، مشروع إنارة قبة الصخرة من الخارج، مشروع فرش المصلى المرواني وقبة الصخرة بالسجاد على نفقة جلالة الملك عبد الله الثاني.