لا يحتاج المتلقي لأعمال الفنان التشكيلي طلال مؤمنة إلى مزيد من التفكير، أو الجهد في استقبال أفكاره الفنية وعوالمه اللونية، التي ضمها معرضه الجديد في صالة سيزان للفنون الجميلة ونظمته جمعية الثقافة والفنون في جدة أخيراً. فمؤمنة وإن بدا منحازاً إلى التراث والبيئة المكانية حيث نشأته في الحجاز، إلا أنه اشتغل على غزل الوجوه الإنسانية «البورتريه» لبعض المشاهير وبعض معارفه وإضفاء تعابير وجدانية، مثلتها الملامح الأنثوية التي حضرت فيها المرأة إما حالمة وإما منشغلة بهواياتها المختلفة وإما مستترة خلف تشعبات الألوان. ولم يسع مؤمنة سوى التعبير عن ذلك بقوله: «إضافة إلى التراث أشتغل كثيراً على الوجوه الإنسانية، بملامحها المتعددة في بعض الأعمال مع الأخذ في الاعتبار تلقي المجتمع لهذه الحقيقة التي صنعها الله في عباده وتقديمها بطريقة رأيت التقاطها وتوظيفها في إطار اللوحة، مع إضفاء مزيد من الانعكاسات اللونية على الخلفية المصاحبة». حتى وإن انتزع مؤمنة الواقع ونقله إلى صدر اللوحات، كما في لوحات «الزمازمة» أو «الحِرَفي» أو في اصطياده المباغت للتلاميذ وهم منغمسون في تأدية فروضهم المدرسية وهمّة الصيادين على الشاطئ ، إلا أنه استطاع إشغال اللوحات بالألوان المركزة، وإيجاد مساحة حرة من السطوع الضوئي المتدرج، لا تغفله عين المشاهد أو المتبحر لمجمل الأعمال التي قاربت الخمسين لوحة. واعتبر مدير جمعية الثقافة والفنون في جدة عبدالله باحطاب تجربة مؤمنة من التجارب الكلاسيكية والتأثيرية، «ونحن على ثقة بأن الفن رسالة في حياة الشعوب والحالة الجمالية فطرية بالضرورة، ونمارسها لنبرز إنسانيتنا ولتكثيف الرؤى الفنية التي يتعامل معها كل فنان بطريقته وأسلوبه. والمعرض يقدم تجربة الفنان بعد انقطاع دام لسنوات عديدة». في حين يجد المشرف على لجنة الفنون التشكيلية في الجمعية عبدالله نواوي أن الفنان مؤمنة «حاول أن يحافظ على التراث والهوية الثقافية الفنية، وما تحمله في حياتنا اليومية من أصالة وعادات وتقاليد. والنقوش والزخارف التي طعم بها الأعمال بألوان صحراوية، قدمها بطريقته الكلاسيكية المعروفة. فالتراث لدى الفنان يمثل روح العشق للبلد الذي نشأ فيه وحتى يتوارثه الأبناء وتكون الصورة الحقيقية للواقع المعاش». يذكر أن الفنان طلال مؤمنة من الفنانين الذين مارسوا الرسم منذ الثمانينيات، ومن الذين كان لهم حضور بارز في المعارض التشكيلية، وقد رافق ظهوره وجود عدد من الفنانين أمثال نايل ملا وسليمان باجبع وإبراهيم بوقس وطه صبان.