تحرص مكاتب استشارية وشركات استثمارية على إصدار تقارير دورية عن الأنشطة الاقتصادية بدولنا الخليجية ومنها توقعات النمو لشركاتنا وتقييماتها لأسعار الأسهم العادلة وتوصيات مباشرة بالبيع والشراء، إلا انه على الرغم من فشل تلك التوصيات التي تُنشر في وسائل الإعلام وتورط الكثير من المتداولين في الأسواق الخليجية ووضوح المصالح المتداخلة بين تلك المكاتب وكبار المستثمرين والصناديق الاستثمارية التابعة لها، لم تقم الجهات المشرفة بتقييم أدائها ومراقبة تبعات توصياتها والمستفيد الحقيقي منها!. ومع أن معظم المتداولين لديهم قناعة من واقع خبراتهم المكتسبة بان تلك التقييمات نظرية وثبت لهم بأن كبار المضاربين يستغلون تلك التقييمات في المضاربات والشراء والبيع والشك في علاقتهم بالتقييم وتوقيت نشره، إلا انه مازال لتلك التوصيات اثر واضح في اتخاذ القرار خلال الفترات التي يشهد فيها السوق ارتفاعات سريعة او انخفاضات حادة للجذب أوالتخويف بسبب الحالة الضبابية خلال ساعات التداول. وبعيدا عن الأساس الذي يُعتمد عليه في التقييم والتناقض بين تقييمات المكاتب، فانه من الواضح أنها تستغل ضد صغار المتداولين، فعندما ارتفع سوقنا في بداية شهر ابريل 2012م وتجاوز (7900) نقطة سارعت المكاتب على نشر تقارير متفائلة وتقييمات عالية للأسهم ومنها شركات خاسرة والتي فور إعلانها انهارت أسعارها! ولكن مع قرب المؤشر ل(7000) نقطه انقلب الوضع خلال أسابيع لتنخفض تقييماتها وأسعارها العادلة! فلدى إلقاء نظرة على ماينشر بموقع "مباشر" الذي يقوم بتجميع وتصنيف التقييمات التي تصدر من المكاتب وبيوت الخبرة نرى على سبيل المثال تقارير وتقييمات بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) انه بتاريخ (4) ابريل 2012م ذكر ان السعر العادل لأسهم شركة اعمار (13) ريالا وهو السعر السوقي في ذلك اليوم وأوصى بالاحتفاظ بالسهم، إلا انه سرعان ما عاد بعد شهر واحد فقط وبتاريخ ( 6) مايو وذكر بان السعر العادل لاعمار فقط (7.65) ريال اقل ب (40%) من السعر السوقي في ذلك اليوم البالغ(12.90) ريالاً وأوصى بالبيع!. كما تضمن تقييم (4) ابريل أن السعر العادل لسهم دار الأركان (13) ريالاً وهو السعر السوقي في ذلك اليوم وأوصى بالاحتفاظ بالسهم، ولكنه أيضا عاد بعد شهر واحد فقط في (6) مايو وذكر بان تقييم السهم فقط ب (8.9) ريالات ولكون السعر السوقي في ذلك اليوم (11.85) ريالاً فقد أوصى بالبيع! هنا أليس واضحا أن مضارب السهم بعد البيع بالسعر الأعلى يرغب في إجبار باقي المتداولين على البيع بالسعر الأقل؟ كذلك لم يقتصر الأمر على شركات مضاربية بل نُشر تقييم لسهم سابك العادل ب(118.6) ريالاً والسعر السوقي كان (100) ريال الذي بعد ذلك واصل السهم انخفاضه ل(95) ريالاً! ويلاحظ من تقييمه لأسعار أسهم شركتي دار الأركان وأعمار - وهي شركات شهدت مضاربات قوية وتورط فيها صغار المتداولين- أن هناك فروقات كبيرة بين التقييمين وخلال شهر واحد ولم تكن هناك متغيرات ومبررات لتخفيض التقييم!. واستثناءً ممن يصدر تقارير موضوعية بدون توصيات مباشره، فالمؤسف انه عندما نتتبع معظم التقارير والتوصيات تاريخيا ونقارنها مع واقع السوق سنكتشف بان التوصيات لمعظم ( إن لم يكن لجميع) الشركات الخليجية تشابه التوصيات المشبوهة التي يُروج لها بالرسائل القصيرة والمنتديات، بل ان تأثيرها السلبي اكبر لشمول تأثيرها على صناديق استثمارية غير تابعة لتلك المكاتب والشركات صدقت تلك التوصيات، وهو مايستلزم أن تكون هناك رقابة جادة على تلك التقييمات واضرارها لضمان عدم التغرير بصغار المتداولين خاصة ان معظم من يقيم أسعار الأسهم جهات مستثمرة بالسوق او مرتبطة بعقود استشارات مع مؤسسات استثمارية تملك محافظ كبيرة بالسوق!.