ينشأ الواحد منّا في البلاد المباركة منذ نعومة أظفاره على تشرّب العقيدة الصافية من معينها العذب السلسبيل، منتقلاً بين حلقات تحفيظ القرآن ومراحل الدراسة، والتي تغرس فينا معنى الإيمان بالله واستشعار هيبته وتعظيمه في كل ممارساتنا السلوكية، وكذلك حضور معاني المحافظة على الاجتماع والألفة في كل اختلافاتنا التي لا نرجو منها أثراً متنوعاً يقدم أكثر من زاوية لقضية واحدة. (عدتُ من أمريكا وهّابياً أكثر ممن درستُ عليهم كتاب التوحيد) بهذه العبارة المليئة بالروح، قالها لي أحد الأصدقاء ممن عادوا من دراستهم في الخارج وقد مكثوا فترة طويلة، إلا أن المبادئ التي استُزرعت فيه كانت كفيلة بحماية أخلاقه وعقيدته. نحن كمجتمع عربي نعاني من «الفصام» في كثير من ممارساتنا، فيعتقد بشيء ويفعل خلافه، ويدعو إلى شيء في مصلحة الأمة ولكنها حين تتقاطع مع مصلحة نفسه، يلوي دروس الوطنية بأعناقها ومشاربها؛ فيضع من الأوصاف ما لا تتوجّه إلا له، ويرسم خططاً لا تصبّ إلا في مساره، مسكينة هي الوطنية التي تُقتل مع انتهاء مصالح أصحابها. لجان التنمية الاجتماعية لديها الكثير لتقدمه للشباب، فبرامج الترفيه التقليدي وإشغال الوقت المجرد؛ لم تعُد تصنع درعاً من «الأمن الاجتماعي»، ولا تبني فيه روح المغامرة وتحمّل المسؤولية، أين الفعاليات التي تحارب كل ما من شأنه التقليل من مكانة العقل؟ واستكشاف القدرات العقلية الجبارة التي يملكها الشباب أنفسهم، والاستفادة منها في معرفة ماذا يريدون؟ وكيف يفكرون؟ ولغة الحوار الصالحة معهم؟ الشباب يتأثرون كثيراً بفئاتهم العمرية أكثر من سياط الهيبة المفروضة والخبرة المتراكمة إذا كانت خياراً وحيداً، فالتعامل مع الشباب إذا امتزج بالضغط والإكراه، أو افتقد عنصر فهم النفسيات الجديدة فإنه يؤخر الإنسان أكثر مما يدفعه للتقدم؛ ولا يعني هذا أن المطالبة بعدم التبعية والتقليد عدم الاستفادة من الآخرين، بل هي ضبط هذه الاستفادة وإخضاعها لمراقبة وتقويم مستمر عن بعد. مجلس شباب المنطقة الشرقية له رؤى وتطلعات كبيرة تخدم أمتهم الإسلامية والعربية، أقول لكم: خلفكم كثير من الشباب الذين ينتظرون مبادراتكم التي سترى النور قريباً.