وعدت الحكومة الفرنسية الأحد بحماية المدارس اليهودية والكنس في البلاد من قبل الجيش -في حال الضرورة-، بينما حضر الرئيس الفرنسي موكب تكريم لكل ضحايا الهجمات الإرهابية الأخيرة في المنطقة الباريسية في الكنيس الكبير في باريس. وغداة عملية احتجاز رهائن في محل لبيع الأطعمة اليهودية في باريس سقط فيها أربعة قتلى أكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أن مكان يهود فرنسا هو فرنسا ردًا على تصريحات نظيره الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي رأى أن «وطنهم» هو إسرائيل. وقال رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا روجيه كوكيرمان الأحد في ختام لقاء مع الرئيس الفرنسي: إن الحكومة الفرنسية وعدت بأن يقوم الجيش بحماية المدارس اليهودية والكنس في البلاد -في حال الضرورة-. وأضاف إن الرئيس هولاند «قال لنا: إن كل المدارس وكل الكنس ستكون في حال الضرورة محمية من قبل الجيش». واستقبلت الرئاسة الفرنسية أمس عددًا كبيرًا من ممثلي الطائفة اليهودية في فرنسا. وقد طالبوا الحكومة بتعزيز إجراءات الحماية. وقال كوكيرمان: إنه مع احترام قرار اليهود الراغبين في الرحيل إلى إسرائيل «علينا أن نحارب في فرنسا كل أعداء اليهودية». وأوضح أن بين المواضيع التي تمت مناقشتها مراقبة «الشبكات الاجتماعية» أو القنوات التلفزيونية الفضائية التي «تبث عبرها رسائل معادية للسامية»، ويجب اتخاذ إجراءات جزائية ضدها. وأكد ضرورة «الكف عن صنع جهاديين في سجوننا»، وتابع إن «إجراءات ستعلن في الأيام المقبلة». وكان رئيس الحكومة الفرنسية تفقد مع عدد من الشخصيات السياسية والدينية المكان الذي وقع فيه احتجاز الرهائن، وقال: «إن يهود فرنسا خائفون منذ سنوات»، مؤكدًا «نحن كلنا اليوم شارلي كلنا شرطيون كلنا يهود فرنسا». وأضاف فالس إن «فرنسا بدون يهود فرنسا لا تكون فرنسا» وسط تصفيق الحضور. وأشاد رئيس الوزراء الفرنسي «بأكبر جالية يهودية في أوروبا والأقدم وساهمت إلى حد كبير في الجمهورية»، وقال: «علينا ألا نخاف من أن نكون صحافيين وأن نكون شرطيين وأن نكون يهودًا وأن نكون مواطنين». وسعى فالس بذلك إلى الرد على نظيره الإسرائيلي الذي قال السبت: «إلى كل يهود فرنسا ويهود أوروبا أقول: إسرائيل ليست فقط المكان الذي تتوجهون إليها للصلاة بل دولة إسرائيل هي وطنكم على حد زعمه». وفي الواقع هذا الجدل ليس جديدًا، ففي أكتوبر 2012 وبعد أشهر على الهجوم الذي قام به محمد مراح وقتل فيه عسكريون من أصول مغاربية ويهود في مدينة تولوز جنوب غرب فرنسا، قال نتانياهو متوجهًا إلى اليهود: «تعالوا إلى إسرائيل». ورد الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرنسوا هولاند بالقول: «إن مكان يهود فرنسا هو فرنسا»، متعهدًا «بملاحقة معاداة السامية والقضاء عليها». وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن نتانياهو كلف لجنة وزارية أن تبحث خلال الأسبوع الجاري سبل تشجيع هجرة اليهود الفرنسيين والأوروبيين إلى إسرائيل. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيمانويل نحشون: «إن ليبرمان اجتمع السبت مع مسؤولين في وزارته وفي أجهزة الأمن لمناقشة تعزيز الروابط مع زعماء الجالية اليهودية في فرنسا إضافة إلى أمن مختلف المؤسسات اليهودية في هذا البلد». واستهدفت عدة هجمات اليهود في فرنسا في السنوات الأخيرة من بينها مقتل ثلاثة أطفال ومعلم في مدرسة يهودية في تولوز في 2012 بيد الإسلامي محمد مراح. وقبل ذلك توفي إيلان حليمي في 2006 بعد تعرضه للتعذيب ثلاثة أسابيع. ويقول جهاز حماية الجالية اليهودية شهدت الأشهر السبعة الأولى من 2014 تصاعدًا في الأعمال المعادية لليهود في فرنسا التي تضاعف عددها تقريبا (91 بالمائة) بالمقارنة مع الفترة نفسها من 2013. وفي يوليو وخلال تظاهرة لإدانة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة تردد هتاف «الموت لليهود». وكانت فرنسا في 2014 وللمرة الاولى منذ إعلان قيام دولة إسرائيل في 1948 أول بلد هجرة إلى فلسطينالمحتلة إذ غادرها أكثر من 6600 يهودي للاستقرار في الدولة العبرية مقابل 3400 عام 2013. وتساءل رئيس الوكالة اليهودية ناتان تشارانسكي خلال الحرب على غزة ما «إذا كان هناك مستقبل لليهود في فرنسا». ويشكل يهود فرنسا الذين يقدر عددهم بنحو 500 أو 600 ألف أكبر جالية يهودية في أوروبا والثالثة في العالم بعد إسرائيل والولايات المتحدة. ومنذ 1948هاجر أكثر من تسعين ألف يهودي من فرنسا إلى فلسطينالمحتلة. ويأتي ذلك بينما تشعر الحكومة الإسرائيلية بالاستياء من تصويت البرلمان الفرنسي في نهاية 2014 على قرار ينص على الاعتراف بدولة فلسطين، وقد استدعت في نهاية ديسمبر السفير الفرنسي بعد دعم باريس لمشروع قرار فلسطيني في الأممالمتحدة يهدف إلى تسريع تسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.