لم يعد يكفينا -أو هكذا يبدو- أن نكون في الصدارة عالمياً في عدد الحوادث المرورية، وفي عدد الوفيات والإصابات، الناتجة عن هذه الحوادث المفجعة، والتي خلفت وما زالت تخلف الفقد والألم والحزن في كل بيت؛ لنضيف إليها مصيبة إضافية أخرى سأتحدث عنها في قادم السطور. وحين نتحدث عن إحصائيات الحوادث المرورية لدينا، تبرز الأرقام الكارثية التي تبدأ بوفاة واحدة كل ساعة؛ جراء هذه الحوادث، ولا تنتهي ب 68 ألف مصاب وخسائر تقدر ب 13 مليارا سنوياً. إننا -بلا شك- أمام ظاهرة خطيرة، التهمت فيها حوادث الطرق الناس في متوالية سنوية، تزداد بشكل مقلق، وليس ثمة ضوء في نهاية هذا النفق المظلم. ولكون المصائب -كما يقال- لا تأتي فرادى أضفنا -طوعاً واختياراً- مصيبة أخرى تتعلق بتصرف فضولي يتزامن مع هذه الحوادث الخطيرة المميتة، وصدق القائل حين قال: من الفضول ما قتل! ففي الوقت الذي يحدث فيه التصادم أو الانقلاب هذه الحالة الإنسانية الرهيبة التي تتناثر فيها الأشلاء، وفي أقل الأحوال يحدث النزيف والإغماء والكسور والجروح العميقة والسطحية والإصابات الجسدية المؤلمة، يبدأ (التجمهر) من السائقين وسياراتهم بشكل عشوائي، ويتجمع المشاة المارون بصورة تدعو للدهشة والتعجب، هذا التجمهر الغريب الذي أغلبه فضول لا نفع وراءه، بل هو إعاقة للمسار وتعطيل للطريق وتأخير للجهات الأمنية والإسعافية من أن تقوم بدورها في الوقت المناسب، في وقت تصبح فيه الثانية الواحدة فارقة بين الموت والحياة. ولن أستغرب أبداً أن تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل «واتس اب» قريباً من يدخل رأسه في نافذة سيارة مهشمة ليلتقط صورة مع مصاب يصارع الموت داخلها، أو أن يستلقي بجوار جثة هامدة على الرصيف ليأخذ (سيلفي) مفعم بابتسامة السبق العبثي الجنوني لجسد مسجى ارتوى الإسفلت من دمائه. وحسناً فعلت الجهات المختصة حين منعت صور المتوفين والمصابين جراء الحوادث المرورية، تلك الصور التي تنتهك حرمة الموت وخصوصية الإنسان، ولا تلقي بالاً لمشاعر أهله وأحاسيسهم. الوعي ضرورة حتمية لأولئك المتجمهرين، الذين إن لم ينتبهوا ويتوقفوا عن هذا العبث، سيصبحون يوماً ما رقماً إضافياً للضحايا والمصابين في حوادث المرور.