يتمتع الرئيس الجيد بمقدرة على معرفة متى يكون الموظفون غير راضين في عملهم، وينسق معهم من أجل حل المشاكل في المكتب قبل أن يفوت الأون. لكنهم في «VMware» في وادي السليكون يتركون هذا الأمر لأجهزة الكمبيوتر. كانت شركة «VMware» تجري اختبارات على تكنولوجيا للتوقعات من شركة «ويركدي» Workday، التي تنتج برامج لأقسام الموارد البشرية في الشركات. يعطي النظام إشعارات إلى المديرين حول الوقت الذي يمكن أن يكون فيه الموظفون على استعداد للاستقالة، ويتيح للمديرين التدخل قبل أن يفوت الأوان. يبحث النظام في اتجاهات معينة ضمن نشاط الموظف، مثل آخر مرة حصل فيها الموظف على ترقية، والعوامل الإقليمية، والتغيرات في الصناعة، وبيانات أخرى ليعتمد عليها في توقعاته. يمكن للتوصيات الصادرة نتيجة ذلك أن تعمل على تحسين النتائج حين تقوم الشركات بتدريب النظام. قالت إيمي جاناواي، المدير الأول في شركة «VMware» لمعلومات الموارد البشرية العالمية، في مؤتمر للشركة في سبتمبر: «حققنا بعض النتائج الرائعة حتى الآن بالنسبة للبيانات». وقالت إن البرنامج أعطى الشركة «نسبة مئوية عالية» من التوقعات الصحيحة عن الموظفين الذين كانوا سيغادرون الشركة. تستطيع شركة «Workday» القيام بذلك لأن التكنولوجيا التي يقوم عليها البرنامج تقوم على تعلم الآلات -والتي تتم من خلال تقنيات إحصائية متطورة تجعل الشركات تكتشف المشاكل المعقدة، وتنتبه لأنماط معينة، وتأتي بالتوقعات. تعلُّم الآلة موجود بصورة أو بأخرى منذ عقود، لكن استخداماته التجارية كانت مجالا حصريا للشركات الضخمة، مثل جوجل وفيسبوك ومايكروسوفت ونيتفليكس. أخيرا تستطيع الشركات الأصغر مثل إيرنب وبوكس القفز على موجة السحابة التنبئية. يقول ألكساندر جراي، الشريك المؤسس لشركة سكاي تري، التي تزود أدوات تعلم الآلات إلى الشركات: «في السنوات الخمس السابقة، ونتيجة للتقدم المتواصل لأجهزة الكمبيوتر وتخزين البيانات وما إلى ذلك، لدى الجميع ما يكفي من البيانات. الآن لدينا جميع السحر الذي كانت تتمتع به جوجل». استطاعت شركة «DLoop» تطوير برنامج بقدرات تنبئية تستطيع تحليل محتويات وخصائص وثائق معينة، وتقوم بصورة أوتوماتيكية بتصنيفها. وكانت شركة بوكس تجري اختبارات على هذا النظام ضمن الدائرة القانونية فيها، لتعرف الملفات التي تشتمل على معلومات سرية والتي تتطلب المزيد من الاحتياطات من حيث تخزينها وتوزيعها. يدرس النظام 100 وثيقة يوميا. وتقول سنام صابر، المحامي الأعلى في الشركة، إنه ناجح. وتقول: «لدينا ثقة كافية في هذا المنتج ليكون صالحا للعمل بصورة يومية». وقد اقتضى الأمر أن تقوم شركة بوكس بتدريب النظام لتحسين توصياته. ووفقا لما تقوله السيدة صابر فإن النظام جيد للغاية في تصنيف الوثائق إلى درجة أنه حقق نسبة 100% من حيث صحة التصنيف. وتضيف: «الواقع أن هذا يبعث على الخوف إلى حد ما نظرا للسرعة التي يتعلم بها النظام». في فبراير الماضي استحوذت ويركدي على شركة «Identified» التي كان يعمل فيها محمد صباح في منصب كبير إداريي المعلومات. وقد اكتشف أن التقنيات التي تستخدمها نيتفليكس لترشيح أفلام معينة لكي يستأجرها المشتركون تصلح لتوقع بعض الأمور التي تتم داخل الشركات. ويقول صباح: «نطاق البيانات مختلف، لكن التقنيات والخوارزميات والأدوات لها طبيعة عامة». حين يتم جمع بيانات الشركة مع توظيف الموظفين، والترقيات، والتعيينات، والرواتب، واستطلاعات رضا الموظفين، والقرارات الإدارية، وتقليص الوظائف، ومجموعات البيانات العامة، مثل مستوى المعيشة في المنطقة، والطلب على مهارات معينة ضمن القوة العاملة، تستطيع ويركدي أن تضع يدها على أنماط معينة. وتستطيع الشركات إدخال عقود من البيانات التاريخية الخاصة بالموظفين داخل النظام من أجل «تثقيف» وتفصيل توصيات النظام. في إحدى الحالات، تم تحليل مليون نقطة بيانات لحوالي 100 ألف موظف على مدى 25 عاما، من أجل التوصل إلى اقتراحات بخصوص التوظيف. ويستطيع النظام أن يتعلم مع الزمن طريقة عمل الشركة، ويقون بتطوير إحساس بخصوص الموظفين الذين يجب الانتباه لهم.