عرفت الدانة بجمهورها، قبل ألقابها وألعابها ونتائجها، فهي سيهات التي غنت للهول واليامال، وعزفت على لحن البحار، فكان الشراع لها عنوانا، والسفينة مدينة، والغوص واللؤلؤ والمرجان حياة للتطلع لمستقبل أكبر. دانة الشرقية أبهرت وأبدعت وأدهشت في المدرج، وصنف جمهورها بسلطان المدرج لعذوبة أهازيجه لقصائد مستوحاة من بحره وأرضه، وكان جمهور الخليج رقم واحد في مدرجات الصالات، وهذه حقيقة اعترف بها حتى نجوم الأندية الجماهيرية الكبيرة منذ زمن بعيد، وتحديدا في حقبة الثمانينات من القرن الماضي الميلادي. جمهور الخليج كان أشهر من نار على علم، له حضور أخاذ وهيبة ترهب المنافسين، وصوت يحمل مواصفات بيئة الساحل الشرقي في مفرداته ومصطلحاته وأشعاره، فلم يكن مقلدا ولا مستوردا، بل كان أصيلا كأصالة البحر، وغاليا كنفائس اللؤلؤ والمرجان، وجميلا كجمال النخيل الباسقات. جمهور الخليج يحمل تاريخا مرتبطا بجغرافيا البحر والنخل، لذلك ليس غريبا عليه أن يكون مميزا حد الإبداع والإبهار. لكن الساحل الشرقي الذي نبت في أرضه النفط، ماتت فيه أشياء جميلة، وأصبح من تغنوا بكل ما هو جميل يحنون للماضي، وهي صفة لا يختص بها الخليج وحده، حتى الاتفاقيين يرون ماضيهم أجمل بكثير من حاضرهم، والقادسية يبكون على ماض تليد وصلوا معه لسيادة أكبر قارات العالم، وحتى مارد الدمام ما زال محبوه يعيشون في حقبة عيسى حمدان والزوري وعنبر. أعود لأصل الحكاية، وأعني به جمهور الدانة الذى كان (صرحا من خيال فهوى)، فمن كان يصدق أن ذلك العنفوان في المدرج سيموت، ويكتب جنازته في حلم تاريخي طالما انتظره أهله وهو دوري (جميل). من كان يصدق أن يموت العدد في هذا المدرج في مواجهات جميل بالدمام، حتى ان نسبة الحضور لا تتعدى 500 مشجع وهو عدد يحضره جمهور سيهات لدورة حواري براعم أيام زمان. من كان يصدق أن تموت قصيدة شاعرهم حبيب الحميدي (حبنا لش كل يوم يكبر) في مدرج كان جمهور الخصم يحضر لسماع أهازيج الدانة وليس متعة في المباراة أو لتشجيع فريقه. غاب جمهور الدانة عن المشهد في (جميل) وخاب ظن الجميع بأن يكون إضافة لدوري الكبار، بل أصبحت مبارياته على أرضه من أقل نسب الحضور في إحصائية المسابقة. نتائج فريقهم تحسنت في الجولات الماضية، ونجح خليجهم في الفوز على الرائد في بريدة، وكان المنطق يقول حضور جماهيري كبير أمام نجران في الدمام، ولكن الذي حدث صورة خجولة في المدرج. واليوم الاختبار الأصعب لهذا الجمهور، إما أن يؤكد عودة عنفوانه من جديد، أو يكتب موته ويسير في جنازته، وفريقه حي يرزق يحاول البقاء بين الكبار. مواجهة التعاون بالنسبة للخلجاويين هي أكثر من ثلاث نقاط، فهي محطة لفوز ثان على التوالي بعد نقاط الفيصلي، وتعزيز ثقافة الفوز، ورفع معنويات لتحقيق حلم البقاء، وبدون مؤازرة جمهورهم قد تتبخر هذه الأهداف كما كان الحال أمام نجران. الفرصة مواتية لجمهور سيهات في صياغة لحن جديد لهم في المدرجات، وضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، الأول عودتهم للماضي الجميل، والثاني تعزيز موقع فريقهم في الدوري، والثالث الرد على من انتقدهم بأنهم جمهور (اشخاص) وليسوا جمهور (كيان). ننتظر الإجابة في مدرح استاد الأمير محمد بن فهد بالدمام.