يوم مجنون «محليا» ملء البحر في جدة، واتساع رقعة الصحراء في نجد، فهو خارطة طريق لتعرجات «جميل». تأتي فيه لحظة المخاض، وربما تغيب عنه لحظات «الانطلاق» فيتقدم المؤخر، ويتأخر المقدم. وما بين البحر والصحراء تتعزز صدارة، أو تتبدل مواقع، فما يحدث في الجوهرة، سيتأثر به موقع الدرة في سباق النقاط، والعكس صحيح. ديربي الساحل الغربي، وكلاسيكو النصر والشباب، من المواجهات التي تحدد تفاصيل المسابقة، وليست نتائج عابرة يمكن تعويضها في سلم الجولات القادمة. وما بين العصر والمساء تأثير سلبي أو ايجابي للمواجهتين، فقد تكون نتيجة العصر محفزة للمساء أو محبطة، لاسيما في ملف الصدارة. العميد جريح والأهلي حديد هذا واقعهما في سلم الدوري، ولكن نزالاتهما لا تخضع لمبدأ القياس لا في النقاط ولا في الغيابات ولا حتى الطموحات، فهي وقائع على الأرض طوال التسعين دقيقة أكثر منها نقاطا وقوة وضعفا قبل المواجهة. النصر البركان الأكبر في المنافسات المحلية منذ الموسم الماضي، والشباب المتقلب المزاج في المستطيل الأخضر، وأكبر المتضررين من قرارات اللجان في الآونة الاخيرة، لهما قصة لم تكتمل منذ الموسم الماضي بعد صافرة مرعي، وامتدت الأزمة عند الليث في ملف إيقاف هزازي مع لجنة الانضباط، وما بين نشوة الأصفر ورغبة الأبيض تكمن صعوبة مواجهة الصحراء. الأهلي الحالم منذ الثلاثين عاما في لبس «بشت» الدوري تنفس الصعداء هذا الموسم بمغازلة حلمه، وتجاوز محطة الغريم تأكيد على تعزيز غزله، ولكن ليس كل عشق ينتهي بلقاء الحبيبين، إلا إذا كان هناك إصرار للوصول لقلب أقصد درع الدوري. النصر «ماشي قطاره» ويتمتع بالنفس الطويل لوقوده الذي لا ينبض، وأعني بذلك دكة الاحتياط التي تنافس «الأساسي». الاتحاد جريح لكن ذهبه يلمع، وكانت أنامله قد كتبت شعرا في دفتر الشباب لولا الخاتمة التي ناقضت كل أبيات القصيدة. الشباب لحن جميل، كلما اعتقد البعض أن موسيقاه ستعزف حزنا، يتفاجأ الجميع بلحن فرائحي، وعزفه الأخير في قاعة الاتحاد برهان قريب من الذاكرة. الجنون في كرة القدم هو قمة العقلانية، طالما كان في خانة المهارة التي تهز المشاعر، وطالما كان في مسرح الأهداف التي يسيل لها اللعاب، والمستويات التي تكسر الممل والروتين. بالفعل إنه يوم مجنون..!!