تواصلت المعارك بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة على جبهات دمشق وريفها، وأشارت الهيئة العامة للثورة الى تعرض عدة مناطق في جوبر والقابون لقصف عنيف أدى إلى دمار هائل, وفجر انتحاري من داعش دبابة في قاعدة جوية سورية بمحافظة دير الزور وهي واحدة من آخر المعاقل الباقية للحكومة في شرق سوريا فيما افادت معلومات بأن إيران، الحليف الوثيق للنظام السوري، أبدت مرونة في ما يتعلق ببقاء بشار الأسد ضمن أي تسوية. تبدل بموقف إيران وفي التفاصيل نقلت «العربية» عن مصدر دبلوماسي فرنسي ان هناك تبدلا مثيرا للاهتمام في الموقف الإيراني من الأسد، إذ أبلغت طهران دولاً من بينها فرنسا استعدادها مناقشة صيغة حل في سوريا يضع جانباً النقاش حول بقاء الأسد في السلطة أو رحيله عنها. واستدرك المصدر متسائلاً عما تريده طهران، بين اعتبار طرحها إيجابياً لتشجيع المفاوضات وتسريعها أم سلبياً لترحيل النقاط الخلافية إلى المرحلة النهائية وتفجيرها. وأشار المصدر الفرنسي إلى أن واشنطن ترفض التصعيد بأي شكل مع طهران حول الملفات العالقة حالياً وعلى رأسها الملف السوري وإنشاء منطقة حظر جوي فوق سوريا، بسبب الخوف على سلامة مستشاريها العسكريين في العراق حيث النفوذ الإيراني كبير. كما أكد الدبلوماسي الفرنسي أن النظام السوري ليس بالقوة التي يتصورها البعض، وخصوصاً النقص الكبير في موارده العسكرية. وتتزامن المعلومات الفرنسية مع اجتماعات عقدها المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، ونائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، مع شخصيات من المعارضة السورية ورموز من النظام. ولم يقدم دي ميستورا للمعارضة خطته التي ترمي لتجميد القتال في مدينة حلب خطياً، حيث تبقى ملامحها غامضة. أما بوغدانوف فركز في لقاءاته على فرص توسيع الائتلاف الوطني السوري المعارض وضمه مقربين من النظام في صفوفه ينتمون إلى تنظيمات سياسية، وهو الأمر الذي رفضه الائتلاف. قصف واشتباكات ميدانيا, تواصلت المعارك بين قوات النظام السوري من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى على جبهات دمشق وريفها، وأفادت الهيئة العامة للثورة بتعرض عدة مناطق في جوبر والقابون لقصف عنيف أدى إلى دمار هائل في الأبنية السكنية. وتزامن ذلك مع اشتداد حملة القصف العنيفة من قوات النظام على أطراف بلدتي دير العصافير وزبدين في الغوطة الشرقية بريف دمشق، حيث سقط عدد من القتلى والجرحى، كما قصفت قوات النظام براجمات الصواريخ ومدفعيتها الثقيلة ضاحية حرستا بريف دمشق. وقالت مصادر المعارضة إن قوات النظام عمدت إلى نسف مبنى سكني مؤلف من عدة طوابق بشكل كامل في منطقة المواصلات بحرستا بعد حفر نفق تحته لتدمره بشكل كامل خشية تقدم الثوار في مواجهة قوات الأسد على تلك الجبهة, ودارت اشتباكات بين قوات النظام وكتائب المعارضة على أطراف مخيم اليرموك جنوبدمشق. أما في حمص فاستمر القصف بالرشاشات الثقيلة ومدافع الهاون على حي الوعر المحاصر، فيما تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وميليشيات حزب الله اللبناني على جبهة حوش حجو شرق مدينة تلبيسة. وتعرضت قرى ريف حماه الشمالي وبلدة عقرب الى حملة قصف عنيفة من قبل مدفعية قوات النظام المرابضة على الحواجز المحيطة بالبلدة. ولا تزال الجبهة الشمالية مشتعلة، وأفاد ناشطون بتعرض بلدة عبطين بريف حلب إلى قصف بالدبابات من جبل عزان، كما تعرضت بلدة بيانون إلى حملة قصف مماثل براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة من تلة الشيخ يوسف. وفي دير الزور، قالت لجان التنسيق المحلية إن سيارة مفخخة انفجرت وسط منطقة البغيلية بريف المدينة، بالتزامن مع سلسة غارات جوية شنها الطيران الحربي على بلدة الخريطة بريف ديرالزور. تفجير دبابة أفادت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي والمرصد السوري لحقوق الإنسان امس الجمعة أن انتحاريا من داعش فجر دبابة في قاعدة جوية سورية بمحافظة دير الزور وهي واحدة من آخر المعاقل الباقية للحكومة في شرق سوريا. ونشرت الدولة الإسلامية صورتين في حساب على موقع تويتر لرجل يبتسم قالت إن اسمه أبو فاروق الليبي وإنه هو الذي نفذ «العملية الانتحارية». وعلى مدى العام عزز التنظيم تدريجيا سيطرته على محافظة دير الزور المنتجة للنفط. ولا تزال قوات الرئيس بشار الأسد تسيطر على قاعدتها الجوية وأجزاء من عاصمة المحافظة. ودخل المتشددون القاعدة يوم السادس من ديسمبر لكن سرعان ما تم طردهم. وتقع دير الزور على الحدود مع أراض في العراق تحت سيطرة داعش أيضا. وتعتبر حقول النفط في المحافظة مصدر دخل للتنظيم. وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء أن الجيش طارد مقاتلي داعش في المنطقة المحيطة بقاعدة دير الزور وقتل الكثير منهم. وذكر المرصد السوري أن الدبابة انفجرت على مشارف القاعدة. لكنه لم يذكر تفاصيل عن خسائر بشرية أو مادية. وأضاف أن اشتباكات وقعت صباح امس بعد الانفجار. تعذيب مرعب يصف معتقلون سابقون لدى النظام السوري «عالما آخر» منفصلا عن العالم الواقعي يقبع فيه نزلاء السجون الذين يتعرضون يوميا لأساليب تعذيب مبتكرة، من الضرب المبرح والصعق بالكهرباء والتجويع او تقديم طعام ممزوج بالذل والقمامة... «كابوس» يصعب عليهم نسيانه. ويقول الناشط محسن المصري الذي كان يعمل قبل النزاع في الهندسة المعلوماتية، انه جرى نقله خلال سنتين بين سجون عدة عانى فيها الامرين: ضرب، وتعليق بالسقف من المعصمين لساعات، وإجباره على البقاء عاريا اياما وسط برد الشتاء القارس. ومن أسوأ ما تعرض له، يروي لوكالة فرانس برس عبر الانترنت «ذات يوم، أخرجونا الى الممرات لرش مبيدات للحشرات داخل الزنزانات. وبسبب بخ المبيدات، صارت الصراصير تخرج الى الممرات وتطلع على وجوهنا، ونحن أعيننا معصوبة وأيدينا مقيدة وراء ظهورنا. حملوا الصراصير ووضعوها داخل ملابسنا، ثم بخوا مبيدات علينا». ومحسن المصري، واسمه مستعار، واحد من حوالى مئتي الف معتقل سجنتهم السلطات منذ بدء النزاع في منتصف آذار/مارس 2011، بسبب انشطتهم المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد. ويقول ناشط من دمشق يقدم نفسه باسم محمد سمعان (33 عاما)، «لا شيء مما قرأته او سمعته عن روايات الشعوب الاخرى كان في امكانه ان يحضرني لتجربة الاعتقال الرهيبة التي مررت بها»، مضيفا: «اكتشفت ان هناك عالما آخر مرعبا موجودا في سوريا». وكان سمعان يتحدث بهدوء، وهو ينفث من سيجارة ويتذكر. «سجنت مرتين بسبب نشاطي ضد نظام الاسد، المرة الاولى لتسعة اشهر، والمرة الثانية لاربعة اشهر. وفي المرتين، تعرضت لأسوأ أنواع التعذيب النفسي والجسدي». قال له مرة احد المحققين في فرع امني في دمشق: «نحن لا نعذبكم بسبب نشاطكم ضد النظام. أنتم لا تؤثرون علينا، انما نعذبكم لأننا نتلذذ بتعذيب الناس». ويشير سمعان الى انه تعرض للصعق بالتيار الكهربائي. «ثم طلب مني المحقق ان أكتب كل ما أعرف عن نشاط المعارضين، ولم أشعر بالرعب مرة كما شعرت في ذلك الوقت. فعل كل شيء لتحطيمي». ويتحدث المصري (36 عاما) من جهته بإسهاب عن تفاصيل تبقى محفورة في ذاكرته. تم توقيفه على الحدود بينما كان يحاول العبور الى لبنان المجاور. وسلم الى فرع الامن العسكري في دمشق حيث كان المحققون «يشتمون زوجتي ويهددون باعتقالها واغتصابها». بين جولة تحقيق وأخرى، «كانوا يوقفونني عاريا في الخارج، ثم يدخلونني ويطرحون الاسئلة وهم ينهالون علي ضربا». بقي في الفرع سبعة اشهر، وكان المكان الذي ينام فيه «مساحته 36 مترا مربعا، ويضم خمسين شخصا في البداية، ثم أصبحوا مائة». ويشير سوري ناشط في مجال الدفاع عن حقوق الانسان رافضا الكشف عن هويته الى وجود اكثر من مائة سجن ومركز اعتقال في انحاء البلاد، بينها سجنا عدرا وصيدنايا قرب دمشق اللذان مر فيهما كل من المصري وسمعان. ويتحدث عن شبكة من السجون السورية والفروع الامنية ومراكز الاعتقال السرية التي يصفها ب«الكابوس»، بينها «ثلاثون الى اربعين فرعا امنيا غير قانونية» بمعنى انها غير مخولة بإبقاء معتقلين لديها، «بالاضافة الى عدد غير محدد من مراكز الاعتقال السرية». ويضيف الناشط «هناك اربعة اجهزة امنية في سوريا، وكل منها يبذل اقصى جهده ليثبت انه اكثر عنفا من الاجهزة الاخرى». وتقول الناشطة في مجال حقوق الانسان سيما نصار: «في الفروع، نوعية الطعام سيئة جدا ومحدودة. الطبابة معدومة، ونادرا ما يتلقى المعتقل مساعدة طبية. عندما يصاب بكسور او بجلطة مثلا، قد ينقلونه الى المشفى العسكري الذي هو مثل الفرع تماما، يقوم الممرضون فيه بدور السجانين ويستخدمون الضرب والاهانات». دخل المصري السجن وكان وزنه اكثر من مئة كيلوغرام، وخرج منه وهو يزن اقل من خمسين كيلوغراما. ويقول: «كنا نأكل وجبة واحدة في اليوم، رغيف خبز أو اقل او خمسة ملاعق من الارز.. ربع حبة بطاطا أحيانا، او ثلاث حبات زيتون وثلث بيضة». ويضيف: «كان يوضع الطعام عند الباب، وعلينا سحبه بسرعة كبيرة، لأن الحراس كانوا ينهالون بالضرب المبرح على الايدي التي تمتد لسحب الطعام». وتقول سيما نصار «الناس الذين نعتبرهم صانعين للحدث، لا يفرج عنهم، (النظام) يخاف منهم ومن تأثيرهم».