يعد مدى تمتع أبناء المواطنة السعودية المتزوجة من غير سعودي بذات الحقوق والامتيازات التي يتمتع الأبناء من زوجين سعوديين موضوعاً مهماً ويحمل طابعاً خاصاً لكونه يشغل بال شريحة كبيرة من أبناء المجتمع لارتباطه الوثيق بالأسرة ومدى تأثيره سلباً أو إيجاباً على مكوناتها من خلال زيادة تآلفها ووحدتها أو فصم روابطها وأواصرها. وهناك إحصائيات تشير إلى ارتفاع معدل زواج السعوديات من غير السعوديين، وفي سبيل ذلك فقد حرصت المملكة على تقديم العديد من التسهيلات لأبناء المواطنة السعودية، وذلك من أجل أن تهيئ للأسرة حياة كريمة ومشمولة بالأمن والاستقرار، ونذكر من ذلك على سبيل المثال ما ورد في المادة (8) من نظام الجنسية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (4) وتاريخ 25/1/1374ه التي أجازت حصول أبناء المواطنة من أب أجنبي على الجنسية السعودية عند بلوغهم سن الرشد إذا توافرت لديهم مجموعة من الشروط وهي: (1) أن تكون له صفة الإقامة الدائمة في المملكة عند بلوغه سن الرشد. (2) أن يكون حسن السير والسلوك ولم يسبق الحكم عليه بحكم جنائي أو بعقوبة السجن لجريمة أخلاقية لمدة تزيد على ستة شهور. (3) أن يكون ملماً باللغة العربية. (4) أن يقدم خلال السنة بعد بلوغه سن الرشد طلباً بمنحه الجنسية السعودية. وجدير بالذكر أن قرار منح الجنسية لزوج أو لأبناء المواطنة السعودية أو لغيرهم قرار محصن ضد أي اعتراض إذ لا يجوز بأي حال من الأحوال لأي من المذكورين أعلاه أو لغيرهم حق الاعتراض على أي قرار يصدر بعدم منحهم للجنسية السعودية، حتى وإن لم يتم إبداء أسباب لرفض طلب التجنس. وقد صدر مؤخراً قرار مجلس الوزراء رقم (406) وتاريخ 27/12/1433ه بالموافقة على بعض الترتيبات الخاصة بأبناء المواطنة السعودية المتزوجة من غير السعودي، إذ بموجبه يمنح أولادها المقيمون في المملكة الإقامة على كفالة والدتهم، ولها طلب استقدامهم إذا كانوا خارج المملكة من أجل الإقامة معها على كفالتها بشرط ألا تكون عليهم ملاحظات أمنية، وتتحمل الدولة كافة رسوم ونفقات إقامة أولادها. كما سمح هذا القرار لأولادها بالعمل لدى الغير في القطاع الخاص دون اشتراط نقل كفالتهم، إلى جانب معاملة أولادها معاملة السعوديين من حيث الدراسة والعلاج، فضلاً عن احتسابهم ضمن نسبة السعودة في القطاع الخاص. ويتضح من هذا الشق من القرار بأنه قد عني عناية كبيرة بأبناء المواطنة، حيث كفل لهم العديد من الحقوق والمزايا والخدمات التي يتمتع بها أبناء الوطن. وإذا كان القرار الذي نحن بصدده قد قدم العديد من التسهيلات والمزايا لأبناء المواطنة السعودية، فلم يغفل أيضا عن تقديم التسهيلات لزوجها، حيث سمح لها باستقدام زوجها الأجنبي إذا كان خارج المملكة، أو نقل كفالته عليها إذا كان داخل المملكة ورغب في ذلك، على أن يدون في الإقامة (زوج مواطنة سعودية)، كما يسمح له بالعمل في القطاع الخاص. ويلاحظ على هذا الجانب من القرار أن إدراج الزوج تحت كفالة زوجته أمر اختياري وليس إجبارياً، فلا يلزم زوج المواطنة بأن ينقل كفالته عليها، وله في سبيل ذلك أن يظل على كفالة إحدى الجهات التي يعمل لديها بشرط أن يكون حاملاً لجواز سفر معترف به ويسمح من خلاله بعودته إلى بلده في أي وقت. وحتى يمكن الاستفادة من التسهيلات والمزايا المذكورة أعلاه فقد اشترط هذا القرار أن يكون الزواج قد تم بموافقة الجهة المختصة، أو أن يكون عقد النكاح موثقاً، وأن يكون لدى أولاد المواطنة السعودية من غير السعودي وثائق تثبت هوياتهم. وباستقراء قرار مجلس الوزراء يتضح لنا أن هذا القرار يهدف في المقام الأول والأخير إلى الوصول إلى الجوانب الإنسانية التي ترمي إلى جمع الأسرة وإضفاء الاستقرار عليها بعيداً عن الهواجس التي قد يحملها المستقبل في طياته والتي تتعلق بمصير الأبناء وهدم بنيان الأسرة. ونأمل أن تُفعِل الجهات المعنية تطبيق أحكام هذا القرار المشار إليه لتمكين المواطنة السعودية المتزوجة من أجنبي الاستفادة من جميع مزاياه أسوة بالمواطن السعودي.