أصدر صندوق النقد الدولي بيانات مؤخرا حول الاقتصاد العالمي ظهر فيها أن الناتج الاقتصادي القومي الصيني بمعاييره الحقيقية من حيث السلع والخدمات سيبلغ 17.6 تريليون دولار هذا العام مقارنة ب 17.4 تريليون دولار في الولاياتالمتحدة، وهو ما يعني أن الاقتصاد الصيني سيتفوق على نظيره الأمريكي ليصبح الأول على مستوى العالم، وذلك وفقاً لما ذكره تقرير «ماركت ووتش». وبنظرة مختلفة على البيانات، تمثل الصين حاليًا 16.5% من حجم الاقتصاد العالمي عند الأخذ في الاعتبار تعادل القوى الشرائية الحقيقية مقارنةً بالاقتصاد الأمريكي الذي يمثل 16.3%، ويأتي ذلك عقب التطور الذي أحرزته الصين في العام الماضي حينما تخطت الولاياتالمتحدة للمرة الأولى في حجم التجارة العالمية. وحدث هذا الأمر في أسرع مما توقع الجميع، وكشف قرار الحكومة الصينية الأخير عن أن تكون حسابات الناتج المحلي الإجمالي متوافقة مع معايير دولية عن نشاط اقتصادي غير مسبوق بالعملاق الآسيوي. وتمت هذه الحسابات بناءً على معايير اقتصادية تم استخدامها على نحو واسع النطاق وتعرف ب»تكافؤ القوى الشرائية»، والتي تقيس الناتج الفعلي مع الأخذ في الاعتبار التقلبات في أسعار الصرف، فعلى سبيل المثال، إذا تم تقديم منتج لشركة «ستاربكس» الأمريكية في العاصمة الصينية«بكين» فسوف يتم حساب نفس السعر في مدينة «مينابوليس» الأمريكي بغض النظر عما يحدث في أسواق العملات. ويعد معيار «تكافؤ قوى الشراء» الطريقة الحقيقية للمقارنة بين الاقتصاديات المختلفة، وتصدر بياناته عن صندوق النقد الدولي، كما استخدمته شركة «ماكينزي» الاستشارية في تسعينيات القرن الماضي حينما أجرت دراسة الإنتاجية الاقتصادية لصالح الحكومة البريطانية. ربما يرى الكثيرون أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال الأكبر على مستوى العالم بحسابات معدلات سعر الصرف الدولية، حيث يمثل 70% تقريبًا من سوق العملات عالميًا، ورغم استخدام هذا المعيار على نحو واسع النطاق، إلا أنه بلا جدوى، حيث يجب طرح تساؤلات هامة وفق هذا المعيار لمعرفة الحقيقة، هل ينكمش الاقتصاد الأمريكي إذا انخفض الدولار بنسبة 10% في أسواق العملات العالمية على سبيل المثال؟ هل يعني الانخفاض الأخير للين مقابل الدولار أن الاقتصاد الياباني في طريقه للتلاشي؟ هل يبدو ذلك للعيان؟ وأوضح تقرير «ماركت ووتش» أن كل الإحصائيات تستخدم على نحو واسع النطاق، ومن الممكن تمامًا أن تكون بيانات الصين الأخيرة دقيقة أو غير دقيقة، وربما تكون بيانات النمو الاقتصادي الأمريكي حقيقية أيضًا، ولكن تظل بيانات صندوق النقد الدولي هي الأفضل.