مواقع التواصل الاجتماعي طالما تغنّت بحمايتها حرية الرأى وعدم انتهاكها، وأن للشخص حرية ما يكتب وما ينشر، ولكنها لم تتنبه إلى الأزمات التي قد تولدها مشاهدة وقراءة تلك الحريات من قبل الآخرين، خاصة أن موقع « تويتر » قام قبل عام تقريباً بإطلاق تحديث تطبيقه الخاص بالهواتف المحمولة، واضافة امكانيات ومميزات جديدة منها امكانية رؤية الصور مباشرةً، وكذلك مقاطع الفيديو القصيرة الخاصة بموقع «Vine » دون الحاجة للضعط على رابط الصورة أو الفيديو . موقع « Vine » كما تعرفون يقدم في الأصل أفلام فيديو قصيرة مدتها ست ثوانٍ على الهواتف الذكية عبر تطبيق مخصص للأجهزة المحمولة. وعلى المستوى التقني فإن هذه الخدمة مع موقع «تويتر» هي أفضل بكثير منها على «الفيسبوك» لأن مقاطع الفيديو يمكن أن يتم التغريد بها مباشرة، وتبدأ العمل بشكل تلقائي عبر حركة «التايملاين». أما على «الفيسبوك» فتكون على شكل صورة غير متحركة يتخللها رابط ، وعلى المستخدم الضغط عليه في حال رغبته في المشاهدة. أما على المستوى الأخلاقي فإن هذه التقنية غير مناسبة أبداً، حيث لا يمكن السيطرة على المحتوى الجنسي الخادش للحياء على «تويتر»، كما لا توجد أي احصائيات تقديرية بحجم وكمية الحسابات الجنسية خاصة تلك التي تدعو للشذوذ واستغلال الأجساد والطفولة أيضاً، الأمر الذي لم تستطع حتى هيئة الاتصالات السعودية حجبه كباقي المواقع الإباحية، ما يتسبب في الحرج النفسي والخوف والقلق على الأشخاص القاصرين الذين لم يعتادوا على الرقابة الداخلية التي تنبع من الذات وليس من الخارج. صحيح أنه يوجد خيار في الاعدادات لإيقاف بث الصور مع التغريدات، لكنه يظل خياراً صعباً بالنسبة للمبتدئين أو أصحاب القدرة التقنية البسيطة. كما أنه يضعف الأشخاص الضعفاء أصلا تجاه هذه الأمور ومنهم المراهقون الذين يحصلون على أحد الهواتف الذكية كمكآفات على نجاحهم أو تفوقهم، التي أحياناً تمثل ما يشبه قنبلة جنسية موقوتة خاصة مع إغراء تلك الثواني الست على ال «Vine ». بغض النظر عن الواجب اتباعه والواجب توخيه، وما هو مستحسن وما هو غير مرغوب فيه، فإننا يجب أن نتناول هذا الأمر من زاوية الواقع الذي يكون دوماً ذا بعدين أساسيين، هما: السلبي والإيجابي، فكل جانب سلبي للشيء علينا الحذر منه فهو أيضاً له جانب إيجابي آخر علينا التركيز عليه. لهذا فأنا لا أقف مطلقاً ضدّ التقنية وتسارعها المخيف أو ضدّ استعمال فئة معينة الهواتف النقالة الحديثة، فهذا لن يبدو منطقياً أبداً في هذا العصر . لكنني أقف مثلكم تماماً لأتساءل: ما الذي فعلناه أو سوف نفعله لتحصين الأطفال ضد هذه الموجة الجامحة من استغلال الشهوات ؟ وما مدى توافر البرامج التي تواجه هذا التدفق الذي يستقبله الأطفال قبل أن نعرف عنه بأيام.. وأحياناً شهور وسنوات ؟.