عندما عبر الروس الحدود للقتال في صفوف المتمردين شرق أوكرانيا خلال العام الحالي قالت موسكو إن الجنود لم تصدر لهم أوامر بذلك بل ذهبوا من تلقاء أنفسهم في إجازاتهم. وعندما كانت استونيا ضحية هجوم الكتروني عام 2007 واتهمت موسكو بأنها وراءه رد الكرملين بأنه لا يمكنه السيطرة دائما على مرتكبي مثل هذه الهجمات من الروس الذين يتصرفون بدافع شعورهم الوطني. ومازال المخططون الغربيون الذين بنوا دفاعاتهم للتصدي لغزو واسع النطاق أو صواريخ نووية أو الإرهاب يحاولون التوصل لكيفية مجاراة مثل هذا الخطر الذي يخرب ويخلق حالة من عدم الاستقرار وراء قناع من الإنكار. وبعد أن سيطر جنود لا يحملون أي علامات توضح هويتهم على شبه جزيرة القرم في مارس الماضي، ابتكر المسؤولون العسكريون الغربيون اسما للجنود الروس الذين يرتدون زياً بلا علامات أو ملابس عادية فسموهم "الرجال الصغار الخضر". ويدرس حلف شمال الاطلسي سبل التصدي لأساليب "الحرب الغامضة" في حال محاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يفعل شيئا مشابها في دول البلطيق الاعضاء في الحلف ليتوانيا ولاتفيا واستونيا. ونشر الحلف بعض دبابات وطائرات الولاياتالمتحدة وغيرها من دول الحلف في المنطقة لإبداء عزمه على الدفاع عن كل أعضائه بالقوة. ويقول خبراء عسكريون: إن الاستراتيجية غير التقليدية لروسيا على جناحها الغربي لاسيما في أوكرانيا التي لا تتمتع بعضوية حلف الأطلسي ثبتت فعاليتها بشكل ملحوظ كما أنها اقترنت في الآونة الأخيرة باستعراض عالمي للقوة على نطاق لم يحدث منذ الحرب الباردة. فقد سعت سفن حربية روسية لاستكشاف حدود المياه الاقليمية الاسترالية قبل قمة مجموعة العشرين التي عقدت في برزبين، وقالت موسكو: إن دوريات قاذفاتها النووية التي تطير فوق غرب أوروبا ستصل إلى خليج المكسيك. ويقول محللون غربيون: إن الهدف الروسي وراء ذلك جلي إذ إن موسكو تعمل على إعادة تأكيد نفوذها على الدول المتاخمة لها وتسعى لتذكير الغرب بمدى فداحة العواقب إذا استخدمت القوة العسكرية لمنعها. ويقول نيكولاس فوسديف أستاذ دراسات الأمن القومي بكلية الحرب البحرية الأمريكية في نيوبورت برود ايلاند "بوتين يقيس مدى استعداد الغرب لمواصلة فرض الضغوط فيما يتعلق بأوكرانيا." ويقول كثير من المسؤولين والخبراء بصفة غير رسمية: إن الغرب والحكومة القائمة في كييف سيضطران في نهاية الأمر لقبول قدر أكبر من نظام الحكم الاتحادي والنفوذ الروسي في شرق أوكرانيا. والسؤال: هو ما إذا كان بوتين سيفسر ذلك على أنه علامة على الضعف، وضوء أخضر للتفكير في استخدام أساليب مماثلة ضد دول أعضاء في الحلف مثل دول البلطيق. وقال إلبريدج كولبي المسؤول السابق بوزارة الدفاع الامريكية، الذي يعمل باحثا بمركز الأمن الأمريكي الجديد: "هي ليست بحرب باردة جديدة لكنها وضع في غاية الاختلاف عما كنا فيه قبل سنوات قليلة. ولا أعتقد أننا قمنا حتى الآن بصياغة استراتيجية مناسبة للتعامل معها." وكان أكبر رد من جانب الغرب على أفعال موسكو فرض عقوبات مالية على شركات وأفراد من روسيا بالاضافة إلى نشر قوات على نطاق محدود في شرق أوروبا. وما زال التركيز بالنسبة لحلف شمال الاطلسي في أوروبا، حيث يوجد أكثر من نصف الأسلحة الذرية في العالم على رصد أي مبادرة روسية مبكرا والرد بحزم لتجنب الحرب الفعلية. وقال مسؤول سابق، مشترطاً عدم نشر اسمه: "عليك أن تتذكر أنه لا يوجد ببساطة خيار لحرب تقليدية مع روسيا. فهي إما غير تقليدية مثل هذه أو يرجح أن تصبح شيئاً أسوأ كثيراً."