لا أعلم إن كانت كميات المطر في الماضي هي نفس كميات المطر الحالي الذي ينهمر علينا. ولا أعلم إن كان المطر في الماضي قد سبب نفس الخسائر والوفيات التي يسببها الآن. وأصبح موسم الأمطار لدينا هو ترمومتر أي إنجاز لمشروع سعودي. فالدولة بذلت وبنت وأنشأت مشاريع من الممكن أن تعتبر من الأفضل والأكبر على مستوى العالم، ولكن ما ان يأت موسم المطر إلا ويصبح المواطن يختزل إنجازات الوطن في عدة أيام يرى فيها المواطن قطرات من المطر تغمر شوارعنا. حول العالم وفي المدن الرئيسة توجد مشاريع يتم بناؤها على حسب ما تتمتع به المدينة من خاصية جغرافية أو مناخية. وفي اعتقادي هنا تكمن المشكلة لدينا. فالبنية التحتية وطريقة إنشائها تختلف بين مدينة وأخرى. فمثلا تعتبر الولاياتالمتحدةالأمريكية ومدنها الكبيرة بها اعقد أنظمة تصريف الأمطار، ولكن في الكثير منها تمطر السماء طوال العام. ولذلك تجد بها أنظمة أكثر تطورا فيما يخص التصريف ولكن نفس هذه المدن ليست مؤهلة مثلا ليكون الجفاف هو السائد او الحرارة العالية هي السمة الغالبة. ومثال آخر وهو عند سقوط متر من الثلج على مدينة مثل (دنفر) يعتبر أمرا طبيعيا ويتم التعامل معه بسهولة ولا تتأثر الحياة اليومية لسكان هذه المدينة. ولكن لو سقط نصف هذا المعدل في مدينة (هيوستن) فعندها سيتم إعلان حالة الطواريء لعدم توفر معدات كسح الثلج الكافية أو توفر الملح الخاص بشوارع المدينة. وفي أي دولة في العالم عندما ينهمر المطر بغزارة غير متوقعة فإن أول ساعات سيكون هناك نوع من الفيضانات. ولهذا عندما يتم الإعلان عن أمطار فوق المعدل فالسكان يقومون بتغيير نمط حركتهم لذلك اليوم. و لكن المشكلة لدينا هي ندرة الأمطار. وفي هذه الحالة من الصعوبة إيجاد حلول تصريف مياه أمطار معقدة تحت الأرض دون ان يكون هناك مناطق تجميع أمطار حتى لو كانت داخل المدن وتسمى (رين كاتشر) والتي تم تطبيقها على أحياء في مدن في المنطقة الشرقية بواسطة شركة ارمكو السعودية. ومن الممكن أن نقوم بتصريف مياه الأمطار خلال عدة ساعات بطرق من الممكن أن نستفيد منها لاحقا. فنحن دولة تعتبر الأفقر على مستوى العالم فيما يخص الثروة المائية ولكننا لم نجد حلولا نستفيد بها من مياه الأمطار ونتخلص من تأثيرها داخل المدن خلال ساعات. ولا أعرف لماذا مثلا مدن مثل مدينة (جده) التي تقع على الساحل و مدينة (مكةالمكرمة) التي تقع بين الجبال لم يتم دراسة ما قامت به مدن مشابهة لها في التضاريس و لكن سبقتنا في مسألة تصريف الأمطار ونقوم بتطبيق نفس الأسلوب. وفي نهاية المطاف رأينا ما تفعله الأمطار والسيول التي تسببها على الكثير من مدن متطورة حول العالم، و لكن لا نريد أن نرى مدننا تغرق في شبر من مياه الأمطار بسبب سوء تنفيذ لمشروع أو فساد إداري لأن هذا شيء غير مقبول ولكن إن كانت المياه وتجمعها لساعات أو ايام بسبب غزارة المطر فهذا أمر طبيعي ولا لبس فيه. بل اننا نريد أن نرى مياه الامطار في شوارعنا ولو لفترة بسيطة لأنه وإلى الآن كانت آخر مرة رأيت فيها المطر في مدينتي كان قبل عام. فنعم نريد المطر ولكن نريد أن نفرح به أيضا. * كاتب ومحلل سياسي