لاشك أن المدن تستقبل المطر بفرح إذا كانت قد استعدت لهطوله بغزارة ذلك أنها قد بنيت بتخطيط هندسي ذكي بحيث إنها تجنبت أن تسمح لسكانها بالبناء في مجاري السيول أو قريبا منها بل لأنها لا تسمح بالبناء على ضفاف الأنهار وسواحل البحار إلا بمواصفات خاصة تتحمل الفيضانات المعتادة وتعد نفسها لاستقبال المطر بشبكة مجاري لتصريف مياه الامطار فاذا هطلت الأمطار كانت في مأمن منها وأنت إذا زرت مدناً في الغرب لاحظت ذلك فقد كنت قبل أسابيع في فيينا عاصمة النمسا وهي تستقبل موسم الأمطار الشتوية فرأيت المطر يهطل .. والشوارع كأنها لم ينزل عليها مطر، فكل الماء يجري في مجاري التصريف فلا ترى أثناء المطر وبعده أي مياه متجمعة يخوضها المشاة أو السيارات، ورأيت المطر يهطل على عاصمة الضباب لندن ، لم أر تجمعاً للمياه بل انك إذا حملت مظلة او لبست شيئاً يقيك قطرات ماء المطر سرت في الشوارع باطمئنان ولم تتوقف ورأيتني أذهب إلى مستشفى لاجراء فحوصات والمطر ينهمر على المدينة بشدة ووصلت إلى المستشفى راجلاً لأنه كان قريباً من الفندق الذي أقيم فيه ولم أبتل، فهذه المدن قد استعدت لاستقبال المطر في الحالات المعتادة والتي جربتها من قبل ، أما ما ليس معتاداً ويرقى إلى أن يكون كارثة طبيعية فانها تستقبله باستعداد آخر بإدارة للكوارث تواجه الحالات النادرة بآليات جيدة تخفف آثارها ولهذا نجد أن اثر الكوارث خاصة على البشر محتمل في تلك المدن أما في المشرق خاصة بلدان العالم الثالث والمتخلفة علمياً، نجد أن الأمطار لم يعد لها البهجة التي كانت عندما تنزل والمدن صغيرة لازالت ولم يزحف البنيان إلى مجاري السيول وسفوح الجبال والقريب منها، ذلك أن المطر يجعل شوارع المدن أنهاراً يقطعها الناس بالقوارب، وفي مجاري السيول التي بني على ضفافها وأحياناً في مجاريها ترى السيل يجرف كل ما يجد في طريقه، حتى رأينا في بعض المدن السيارات في السيول تتقاذفها الأمواج ، ورأينا أثاث البيوت في السيول تتقاذفها أمواج المياه فهذه المدن على عكس المدن التي تحدثنا عنها في البداية لم تستعد قط لهطول الأمطار فليس فيها شبكات لتصريف المياه ولا أي شيء آخر فاثرها فيها بالغ الخطورة فهل يعي المسؤولون فيها ذلك، هو ما نرجو والله ولي التوفيق. ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043