كان بول كروجمان أحد المعجبين الأوائل والمتحمسين لجهود اليابان في إنهاء حالة الانكماش. في أحد أعمدة صحيفة نيويورك تايمز الصادرة في يناير 2013، جادل كروجمان، الحائز على جائزة نوبل، أن على العالم أن يتعلم من تجربة طوكيو في «كسر الصفوف» من خلال «الفكرة التقليدية البائسة» للتقشف القاتل للنمو. لم تتغير نصيحة كروجمان. حتى في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الياباني من أجل التخلص من ىثار زيادة ضريبة المبيعات لشهر أبريل، تجد أن المشرعين يفكرون بضريبة بأخرى. خلال لقائه مع رئيس الوزراء شينزو آبي في الأسبوع الماضي، حذر كروجمان من أن ذلك الإجراء قد يكون ناقوس الموت لبرنامج آبي الاقتصادي، بغض النظر عن مقدار الأموال التي يطبعها بنك اليابان. وهو طبعا على حق. إن زيادة الضرائب على الأسر مرة أخرى قد يزعزع الإنفاق ويقضي على أي فرصة للوصول إلى هدف التضخم المستهدف الذي نسبته 2 في المائة والذي حددته الحكومة لنفسها. لحسن الحظ، يبدو أن آبي يدرك ذلك الشيء. وفي حين أن رئيس الوزراء مستمر بقوله: إنه لن يقرر طريقا أو آخر حتى يرى أحدث الأرقام الصادرة عن النمو الفصلي (المستحقة يوم الإثنين)، يتنبأ المطلعون في طوكيو أنه سوف يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة في الشهر القادم للفوز بتفويض لإلغاء الضريبة، والتي من المقرر أن يبدأ العمل بها اعتباراً من أكتوبر 2015. هنالك مشكلتان في ذلك. الأولى، أن آبي ما يزال يواجه مقاومة قوية من «المتقشفين» الموجودين داخل حزبه الديمقراطي الليبرالي الذين يخشون أن تفقد الأسواق ثقتها في اليابان إذا لم يصبح دينها المتضخم – الذي يصل الآن إلى 250 في المائة من الناتج القومي الإجمالي - تحت السيطرة. وهم يحذرون أيضا من أن التأخر في زيادة الضريبة سوف يكون السبب ارتفاع عوائد السندات بمعدلات عالية – وكأن اليابان حين تخطب ود الركود من خلال زيادة ضريبية أخرى في غير وقتها، فإن هذا يجعل اليابان تحظى بعدة نقاط لدى المقامرين. إن حدوث انتخابات ناجحة قد يساعد آبي في ترويض أولئك المتمردين. أما المشكلة الأكبر فهي أنه في الوقت الذي تستحوذ فكرة التعديلات على الضرائب على القادة اليابانيين والحملة المحتملة، إلا أنهم لا يركزون على الإصلاحات الهيكلية اللازمة من أجل إنجاح برنامج آبي الاقتصادي. في الشهر الماضي، قام محافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا بتوسيع تجربته واسعة النطاق فعليا للتيسير الكمي بزيادة عمليات شراء السندات لتصل إلى حوالي 700 مليار دولار سنوياً، وبشرائه الأصول الأكثر خطورة. بالرغم من ذلك، فإن برنامج كورودا الاقتصادي ليس كافياً. إن خطط تخفيف الأنظمة المتشددة في أسواق العمل، وخفض التعريفات التجارية، وتحسين حوكمة الشركات، وإيجاد القطاعات المولدة لفرص العمل الجديدة مثل الكازينوهات، كلها لا زالت في مراحلها الأولية المبكرة. الآن كلها مواضيع خارج جدول البحث حتى أوائل عام 2015 في أحسن الأحوال. زاد الأمور سوءاً تعثر شعبية آبي التي تلقت ضربة قاسية بعد الارتفاع في ضريبة الاستهلاك بمعدل 3 في المائة لتصل 8 في المائة في أبريل. مع الانخفاض الحقيقي في الأجور بنسبة 2.9 في المائة في سبتمبر – الانخفاض المتتالي الخامس عشر بالمعدل السنوي خلال الفترة نفسها - وهبوط الين، من الواضح أن المستهلكين اليابانيين يشعرون بالألم. الدعم الذي يتلقاه آبي الآن يصل لنسبة 44 في المائة مقابل 52 في المائة الشهر الماضي بحسب هيئة الإذاعة العامة (ان اتش كي). يمكنك المراهنة أن اللوبي الزراعي، وهم من الناخبين الرئيسيين المؤيدين للحزب الديمقراطي الليبرالي لآبي، سوف يستغل هذه القوة لاستخلاص امتيازات يمكن أن تناقض أهداف رئيس الوزراء الإصلاحية. بلا شك سوف تولد الحملات الانتخابية وعوداً جديدة بمشاريع لا جدوى منها. قضية الضرائب بأكملها هي عملية رقص درامية في مجال السياسة الاقتصادية. صحيح أن اليابان بحاجة إلى ترويض مشكلة الديون في اقتصادها. لكن التعويض عن التداعيات الناتجة عن الضرائب العالية يضطر حكومة آبي منذ الآن إلى زيادة الاقتراض من أجل مساندة الاقتصادات الإقليمية. وحتى لو قررت الحكومة المضي قدما في الزيادة الضريبية المزمعة للعام القادم، فإن حصة لا يستهان بها من أية إيرادات جديدة هي منذ الآن مخصصة لأعمال الإنشاء للألعاب الأولمبية التي ستقام في اليابان في عام 2020. ربما الأمر هو كما قال ماساهيرو كاواي، مستشار بنك اليابان، في مقابلة مع بلومبيرج: «من خلال تأجيل الزيادة الضريبية المزمعة، فإن آبي سوف يفقد الثقة المالية العامة، ويزيد من مبالغ علاوات المخاطر، ويجعل عمل بنك اليابان أصعب بكثير من قبل.» لكن الخطر الأكبر هو أن المزيد من التباطؤ في النمو سوف يعرقل التغيرات الهيكلية طويلة الأمد من النوع الذي تعهد به آبي والذي تحتاج إليه اليابان حاجة ماسة. لا شك أن رئيس الوزراء قدَّر مساندة كروجمان في السنة الماضية. يجدر بآبي أن يأخذ بنصيحة كروجمان الآن.