ربما حان الوقت للتوقف عن استبعاد خطر الركود التضخمي في اليابان. لقد قمت بإثارة احتمال وقوع هذا الخطر عدة مرات خلال الأشهر ال12 الماضية بخصوص ارتفاع التضخم دون حدوث زيادات مماثلة في الأجور أو الإنتاجية. لكن التقرير القبيح الذي صدر في الأسبوع الماضي حول الناتج المحلي الإجمالي يُشير إلى أنه تهديد واضح وقائم لأفضل فرصة لليابان في الانتعاش الاقتصادي منذ أكثر من عقد. كانت ردة الفعل الجماعية للانخفاض بنسبة 6.8 في المائة في نمو الربع الثاني تبدو كأنها: «اطمئن، كان من الممكن أن تكون أسوأ». بعد كل شيء كان العديد من خبراء الاقتصاد مستعدين لأن تكون نسبة الانكماش هي 7 بالمائة أو أكثر بعد الزيادة غير المناسبة وغير المدروسة في الضريبة الاستهلاكية في شهر نيسان (أبريل). لكن تفاصيل التقرير -وخلاصة غيرها من البيانات الحديثة- تُشير نحو فترة من النمو البطيء في أحسن الأحوال، ومكاسب التضخم المستمرة. بفضل برنامج التسهيل غير المسبوق لبنك اليابان وانخفاض الين بنسبة 16 في المائة خلال فترة رئيس الوزراء شينزو آبي ارتفعت الأسعار الاستهلاكية بنسبة 3.6 في المائة في شهر حزيران (يونيو) عن العام الماضي. ذلك لن يكون مشكلة لو أن الدخول والإنتاجية لم تكُن ثابتة في مكانها. في نفس الوقت يُلاحظ ريتشارد كاتز الذي يتولى نشر «أورينتال إيكونوميست ريبورت» أن الانخفاض البالغ 5 في المائة في الاستهلاك المُعدل حسب التضخم في الربع الثاني كان أكبر بكثير من ارتفاع ضريبة المبيعات المُسببة للركود عام 1997. هناك أدلة أيضًا على أن المكاسب في الأرباح المؤسسية التي حققها الين الضعيف لشركات التصنيع تتلاشى. في الأسبوع الماضي علقت تويوتا مع توقعات انخفاض صافي الدخل عن المستوى القياسي البالغ 17.8 مليار دولار العام الماضي. الآن أكبر شركة صناعة سيارات في اليابان تتمرّس من أجل تراجع المبيعات المحلية، وهو ما يُسلّط الضوء على الضرر الذي أصاب الطلب نتيجة الزيادة البالغة 3 نقاط مئوية في ضريبة المبيعات. كما تُكافح باناسونيك أيضًا مع ارتفاع تكاليفها الثابتة وتراجع الطلب على الإلكترونيات في اليابان. التفاؤل بأنه تمت هزيمة الانكماش يتجاهل مصادر الزيادات في الأسعار اليوم. مع إطفاء المفاعلات النووية في البلاد لأسباب تتعلق بالسلامة، تقوم اليابان باستيراد طاقة مُكلفة بعملة ين ذات قيمة منخفضة. هذا إلى جانب الشكوك حول مسار طلب الأُسر، يساعد على توضيح سبب عدم قيام الشركات بزيادة الأجور للتعويض عن آثار التضخم. ولن تفعل أيضًا في الشهور القادمة حين يقوم آبي بدراسة زيادة أخرى في الضريبة في عام 2015. يقول توبياس هاريس الخبير الياباني في تينيو انتيليجينس: «على أقل تقدير إن أحدث الأرقام توفّر المزيد من الأدلة على ضعف الانتعاش، الذي سيؤدي بدوره إلى المزيد من الضغط على رئيس الوزراء آبي ومُحافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا من أجل التصرّف». ما الذي يجب فعله لتجنّب مخاطر الركود التضخمي؟ بإمكان بنك اليابان ضخ المزيد من السيولة في الأسواق على المدى القصير. لكن ذلك قد لا يفعل شيئًا لإنعاشها في الوقت الذي تتفاقم فيه مشاكل التضخم في اليابان. بل الأكثر أهمية بالنسبة لآبي هو المضي قُدمًا في الإصلاحات الهيكلية اللازمة لجعل اليابان أكثر تنافسية وإنتاجية: تسريع الجهود الرامية لتخفيض الحواجز التجارية، وإصلاح نظام الضرائب، وتخفيف أسواق العمل، وتشديد الحوكمة في الشركات، وتشجيع المزيد من الشركات الناشئة التي تخلق فرص عمل جديدة وذات أجر مناسب. حتى الآن برنامج آبي الاقتصادي كان يعني الكثير من التحفيز وليس التحرير، وهي وصفة قامت بتعزيز التضخم أكثر من النمو أو الثقة. إذا لم يتصرف آبي بسرعة لإحداث انقلاب في هذا النمط، سيتم تذكّر فترة ولايته بأنها عن البؤس أكثر من كونها عن الانتعاش.