في ظل انحسار منافذ الضوء وكثرة منابر الضوضاء، أصبح الشاعر الجميل، الجيّد، رهين العزلة ومجبرا على الابتعاد إلا ما ندر. المتابع أصبح مشتت الذهن، والشاعر أقصد الشاعر المبدع لا يجد له مكانا في ظل هذا المد الشعري الغث. كان لماض الشعر الجميل موقع وأثر في نفوس قارئيه وسامعيه. ولكن في زمننا هذا كم من القصائد النارية قيلت فلا أذن سمعت ولا بصيرة وعت، ولعلنا نسأل عن سبب هذا التحول في ذوق الناس الشعراء في السابق لم تتوافر لهم وسائل الظهور، بينما كانوا أقوى شعرا.. وأفضل ولكن من الملاحظ أن نسبة ليست ببسيطة من شعراء الجيل الحالي تتسم بالتسرع في الظهور رغم حداثة تجربتها وبساطة ما تمتلكه من شعر وخبرة في هذا المجال، فتجد الشاعر فلانا يظهر في أمسيات عديدة ويلقي نفس النصوص في جميع تلك الأمسيات. بل إن بعض الشعراء يعيد ويكرر نفس النصوص ليس فقط في الأمسيات العديدة التي يقوم بها في فترة قصيرة من الزمن وإنما يعيد إلقاءها في قنوات التلفاز والإذاعة، وإن دل هذا الأمر عن شيء فإنما يدل عن افتقاد الأغلبية من شعراء اليوم للكم وتسرعهم بالظهور. بل يقوم بعضهم على الرغم من حداثة تجربته وبساطة قدراته الشعرية بالحديث عن المناصب الشعرية والتوعد والتأكيد بأحقيته فيها دون غيره من الأسماء التي لها باع طويل في الشعر. لذلك يبقى هذا الجيل مفتقدا للموضوعية ومندفعا بحماسه الزائد والعشوائي في بعض الأحيان.. والسبب هو ظهور القنوات الشعرية والتي كان ومع ظهورها وبالاً على الشعر والشعراء طغت عليها العصبية وأظهرت الكل شاعرا دون تمييز. ولكن.. يجب على شعراء اليوم التفاعل مع قضايا المجتمع وخاصة في الوقت الحالي وتلمس الاحتياجات ونقلها عبر قصائدهم في هذا الوقت. سلبيات شعراء اليوم لا يتقبلون النقد ويجندون الجميع في حال نقدهم ويتخذونها كأنها خلاف شخصي.