تستقبل المنازل السعودية عددا كبيرا من الخادمات من جنسيات وديانات مختلفة، وتحرص بعض الأسر على عرض الإسلام على خادماتهن إعذارا أمام الله -عز وجل-، وإنقاذا لهن من أن يلقين الله -عز وجل- على دين غير الإسلام، بينما تدخل الكثير منهن للإسلام ودون أي جهد، بعد أن يجدن معاملة طيبة من مكفوليهم، وأخلاقا إسلامية لم يكن يتوقعنها، وفي هذا التقرير نسلط الضوء على هذا الجانب من جوانب الدعوة، ألا وهو دعوة غير الناطقات بالعربية. تحرص أم عبدالرحمن الخراشي سيدة أعمال على دعوة عاملاتها إلى الإسلام، حيث أسلم الكثير منهن بفضل حرصها على حضورهن الدرس الأسبوعي، الذي تقيمه شعبة توعية الجاليات، كما تعد لهن المسابقات الدورية والتي تعرف بالإسلام، وتقيم لهن احتفالات بمناسبات مختلفة سواء مناسبة خاصة لكل عاملة أو مناسبات عامة، وجوائز تحفيزية، كما قامت بتزويج عدد من عاملاتها وأقامت لهن حفلات زفاف، وأسكنت إحداهن في غرفة ملحقة بالمشغل، وتضيف أم عبدالرحمن: إن المعاملة الحسنة والاهتمام بالجاليات في بلاد الغربة، ودمجهن بالمجتمع دون إشعارهن بالدونية والتعالي من أهم أسباب ميلهن نحو الإسلام، والقراءة عنه وتقول: إنه يجب عدم إجبارهن على دخول الإسلام، بل ترك مجال التفكير لهن، لكن من المهم ألا تغادر أرض الحرمين إلا وقد صححت فكرتها عن هذا الدين، ونوهت إلى أنه حتى المسلمات يحتجن إلى تصحيح العقيدة والعبادة، حيث إن البعض منهن جئن ببدع وخرافات وإسلام يشوبه عدم الصحة، ودعت ربات البيوت إلى العناية بخادماتهن من الناحية الدينية. وقالت أم معاذ النعيمي: إنها أعدت وزميلاتها مسابقة لعدد من عاملات المشاغل بعنوان «الطريق إلى الحقيقة»، ونتج عن المسابقة إسلام عدد كبير منهن في حفل توزيع الجوائز الذي استضيف فيه سيدة أمريكية مسلمة عرضت تجربتها قبل الإسلام وبعده، والكرامة التي شعرت بها بعد أن ذاقت حلاوة الدين الإسلامي، الذي رفع شأن المرأة بعيدا من كونها سلعة تباع وتشترى، وقالت النعيمي: إن عرض تجارب حية لمسلمات جديدات يفتح آفاقا للتفكير والبحث عن الدين الصحيح. واستطاعت أم نايف العتيبي، أن تجمع بين خادمتها وسائق إحدى الأسر، وحققت أجر «جمع رأسين بالحلال»، حيث أقامت حفل زفاف في إحدى الاستراحات على نفقتها الخاصة، حضره جمع من جنسية العروسين، بالإضافة إلى أسرتي مكفوليهما، وقالت أم نايف: إن الخدم والسائقين أمانة في أعناقنا يجب أن نحسن معاملتهم وأن نقدم لهم ما نستطيع، فهم بشر دفعتهم الحاجة إلى التغرب عن أسرهم وأوطانهم، وأضافت: إن الكثير منهم تثمر معه المعاملة الحسنة، كما زوج عدد من أقاربها خدمهم وسائقيهم من جنسياتهم، وأقاموا لهم حفلات أضفت عليهم جوا من الألفة لبعث الاستقرار في نفوسهم. وفي مثال إنساني تعيش الطفلة (riham) ابنة الخادمة (rooz) بين أسرة السيدة باسمة الخراشي، حيث بعد أن علمت أم محمد بحمل الخادمة لم ترغب بإعادتها إلى بلدها، بل خففت عليها أعباء العمل وراعت ظروفها الصحية، وبعد ولادتها أعطتها إجازة حتى أكملت الأربعين، حيث زوجها يعيش معها وهو سائق الأسرة، وتقول أم محمد: إنهم استخرجوا للطفلة شهادة ميلاد، وإقامة وجواز سفر وكافة الأوراق، وتعيش الطفلة ريهام بين أسرة مكفولي والديها، بل وتناديهم (ماما وبابا)، كما تحرص أم محمد وزوجها وبناتهم على إحضار هدايا للطفلة، وتوفير احتياجاتها كأبنائهم تماما. من جانبها، قالت المشرفة على القسم النسائي في شعبة توعية الجاليات بالمنطقة الشرقية لينا الخان: إن هناك إقبالا على أنشطة الشعبة، وبلغ عدد النساء اللاتي يسلمن في الشهر (57) مهتدية، وتتم متابعة المهتديات الجديدات بشكل مستمر ودائم بعدة طرق كالتالي: تعليم المهتدية الجديدة الإسلام بدءًا بأركان الإسلام، والتركيز على معنى التفكر ب «لا إله إلا الله»، وفي هذا المجال يمكن الاستعانة بالحقائق العلمية والبرامج المعدة لهذا الشأن في كل مراحل التعلم، ويتم خلال الدعوة الحرص على التدرج في التعليم والتطبيق في كل مراحل الدعوة، كما تعامل كل مهتدية حسب حالتها ووضعها الاجتماعي، وتحرص الشعبة على الاستماع للمهتدية الجديدة، وإعطائها الثقة بنفسها وإكسابها فرصة التحدث عن مشاعرها، وإشعارها أن الإسلام يتمم الأخلاق ويؤكد على الأخلاق الحسنة الموجودة عند الشخص قبل إسلامه، ويحثها على أن تكون قدوة حسنة حتى تتمكن من دعوة أهلها للإسلام، وأكدت على ضرورة مراعاة الوسطية والشمولية في الدعوة، وقالت من الضروري إشعار المهتدية الجديدة بكمال هذا الدين ومصدره الرباني وشموليته والتأكيد على أنه ليس بعد هذا الحق حق، كما قالت: يجب لفت نظر المهتدية الجديدة بأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، وأن صحيفتها الآن نظيفة وإلا ستظل تفكر بذنوبها السابقة، وإذا كانت نصرانية في السابق يجب أن يوضح أن أجرها مضاعف مرتين، كما يتم التأكيد على نقطة أن الإسلام هو مصدر التلقي وأن المرجعية هي القرآن والسنة، كما يتم تشجيعها على قراءة القرآن والحديث وسيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإشراكها في دورة حفظ قصار السور التي يقيمها القسم النسائي للمهتديات الجديدات، والنشاطات الإسلامية وتزويدها بالكتب والأشرطة وحضورها للدروس الأسبوعية في مقر الشعبة، والتواصل مع غيرها من نفس جنسيتها والاشتراك معهم في الدروس، وقالت: إن تهيئة الجو الإسلامي في الشعبة للمهتدية الجديدة يهدف إلى إبعادها عن جوها القديم، ونوهت إلى أهمية إشعارها بأهميتها ومحبة الجميع لها بسبب إسلامها، وتوضيح أن المشاكل التي تمر بها هي التي يمرُّ بها كل من يُسلم حديثاً فهي مشاكل متوقعة، وقالت خان إن الشعبة تتواصل مع كفيل المهتدية الجديدة وتحفزه على أهمية حضورها للدروس الأسبوعية والأنشطة المقدمة، والحرص على معاملتها معاملة حسنة، وقالت إن المعالِم الرئيسة في المنهج النبوي في دعوة المسلِم الجديد: التَّيسيرُ في دعوته، والتيسير من أعظم خصائص دِين الإسلام، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه؛ كما في صحيح البخاري عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- «إنَّ الدين يسرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة»، ودين الإسلام لم يأتِ ليضع الأغلال في أعناق أتباعه، بل جاء ليضعها عنهم ويكلفهم من العمل ما يُطيقون، وفي تشريعات الإسلام وأوامره ونواهيه من اليُسر والسهولة ما هو ظاهر؛ قال تعالى «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»، وقال تعالى: «يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ»، ونهى الإسلام عن التكلُّف والتنطع والغلو في الدين؛ قال تعالى: «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ»، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «هَلَك المتنطِّعون» قال العلماء: «أي: المتعمقون المشدِّدون في غير موضع التشديد»، وأضافت: إنه يوجد جدول للدروس الأسبوعية لجميع الجاليات بمختلف جنسياتهم، وأضافت إن من يقوم بإلقاء المحاضرات والدروس دعاة متخصصون في الدعوة من جنسيات مختلفة لقسم الرجال والنساء . وهم موظفون لدى الشعبة، وعلى مستوى عال من الخبرة والتعليم الجامعي، وهناك العديد من الأخوات المتعاونات يشاركن الشعبة في تعليم المهتديات الجديدات ويشاركن في الأنشطة الدعوية تختلف الدروس المقدمة ما بين العقيدة والفقه، والأخلاق، والعبادات، والسلوك، والأحكام الشرعية، وأشارت إلى دور الأسر في دعوة الخدم والسائقين للإسلام، ونوهت إلى عوامل اجتذاب العمالة للإسلام ومنها: القدوة وحسن المعاملة أمر مهم، قال تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) فلترى منك المسلم الحق المتمسك بدينه المتحلي بآدابه، فمن الناس من يدعو إلى الجنة بقوله، ويدعو إلى النار بفعله عياذاً بالله من سوء ما يصدر منه من أفعال وأقوال مشينة. الرفق فلا تكلف من العمل مالا تطيق، امتثالا لحديث النبي عليه الصلاة والسلام (ولا تكلفوهم مايغلبهم، فإن كلفتموهم مايغلبهم فأعينوهم). الحذر من التعالي عليها أو ظلمها بشتم أو إهانة وضرب، قال عليه الصلاة والسلام: (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه). منحها وقتا للراحة، وعدم حرمانها من العلاج في مرضها، أو منعها من الاتصال بأهلها والاطمئنان عليهم، قال عليه الصلاة والسلام: (مَن أعطيَ حظَّهُ من الرِّفقِ فقد أعطيَ حظَّهُ من الخير، ومن حُرم حظَّهُ من الرِّفقِ فقد حُرمَ حظَّهُ من الخير). العفو والصفح عند خطئها غير المتعمد، وشكرها على أعمالها الجيدة، وذكر صفاتها الطيبة، ففي ذلك تثبيت للخصال الحميدة في نفسها. إطعامها من طعامك وشرابك، فرب مسرور مغبون يأكل ويشرب ويضحك وقد حق له في كتاب الله أنه من وقود النار. الحذر من تركها مع الشباب أو رب الأسرة أو السائق، وعدم التساهل في حجب الخادمة وسترها في المنزل حتى لا يقع ما لا يُحمد عقباه . إعطاؤها حقها وعدم التأخير في ذلك، فإنها لم تأت إلا لشدة الحاجة وقد نبه الرسول الكريم لذلك في قوله: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه). ونوهت خان في نهاية حديثها إلى أهمية الدعوة إلى الله، وقالت: إنها من أشرف المهام على الإطلاق قد جعلها الله مهمة الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قال تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)، من المؤسف أن الكثير من الخادمات يأتين إلينا ثم يرحلن ولم يحصل لهن من النفع في دينهن ما نأمله ونرجوه، بل إنها لتذهب وقد تبدلت نظرتها وتغيرت فكرتها عنا لسوء معاملة من عملت لديهم. والحقيقة الشرعية الواجبة علينا أن نعاملهم بالحسنى وأن نظهر محاسن الإسلام وندعوهم إليه، فالداعي إلى الله ينبغي أن يكون معطاء لا يعرف اليأس، محتسبا أجره على الله واضعا نصب عينيه حديث النبي عليه الصلاة والسلام (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)، فلو فكرت الأسرة في الأجر العظيم الذي سيصل إليها من هداية هذه الخادمة لسارعت إلى ذلك. الخادمة تحتاج إلى حسن تعامل و متابعة