في البداية أود أن يعرف القارئ أنه لم يسبق لي أن دخلت مبنى وزارة الداخلية الذي يمثل تحفة فنية في وسط العاصمة السعودية الرياض. ولم يسبق لي أن تشرفت بلقاء وزير الداخلية السعودي سيدي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ولكني وكأي مواطن أعلم الدور الكبير الذي تقوم به لحماية الداخل السعودي وتحصينه والمحافظة على حدودنا التي نشترك فيها مع دول كثيرة تمتد لآلاف الكيلومترات وبلد مساحته تعادل مساحة قارة. إلا أنه ومنذ أحداث 11 سبتمبر وما صاحبها بعد عدة سنوات من فترة مرت على المملكة حاولت أيادٍ مغرر بها المساس بأمن هذا الوطن، فقد بدأت وبدأ غيري عن كثب متابعة ما تقوم به هذه الوزارة وايضا تابعت ماذا يقوله العالم الخارجي عن هذه الوزارة وإنجازاتها. ولكن ما شد انتباهي هو أن الكثير من مراكز الأبحاث المعروفة (ثينك تانك) ومن ينتمي لها من المراقبين والمحللين الأمنيين كانت تبدي ولكن دون أن تعلن على الملأ إعجابها بما تحققه هذه الوزارة في الكثير من الأمور، وبخاصة احتواؤها لمرض الإرهاب الذي يعتبر من أصعب الامور التي تواجه أي دولة. وقد سبق للرئيس الأمريكي (رونالد ريغان) أن قال إن أمريكا تستطيع هزيمة أي دولة في العالم في حرب مفتوحة ولكننا لا نستطيع هزيمة الإرهاب. ومنذ عدة سنوات بعد أن بدأ ما يسمى بالربيع العربي قرأت الكثير من المواضيع التحليلية وسمعت من الكثير من كبار المحللين السياسيين والإستراتيجيين من خارج المملكة من أن وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية أصبحت محورا ومثالا للكثير ممن يقومون بتحليل الأوضاع الأمنية حول العالم. وأصبح الكثير منهم وعلى غير عادتهم يتابعون ما تقوم به وما تقوله وزارة داخليتنا. وحيث إن هناك محللين إستراتيجيين محايدين هدفهم الأساسي هو تحليل لوضع راهن محدد، إلا أن هناك مراكز أبحاث رغم عراقتها إلا أنها تريد أن تصطاد في الماء العكر وتقوم بنشر كل معلومة أو حدث في المملكة وتحوير التقرير أو الخبر بحيث يتم النظر إليه بمنظور يختلف عن الواقع. وأصبح واضحا أنهم يريدون النيل من المملكة والتشويش على أي منجز. وكما هو معلوم بأن الكثير من مراكز البحث والتحليل إذا ما أرادت النيل والتشويش على أي دولة فإنها دائما ما تلجأ إلى ما يحدث في أروقة وزارة الداخلية.. وأقصد بذلك أي وزارة داخلية أو مؤسسة أمنية في العالم تابعة لأي دولة. ففي الحرب الباردة كانت مراكز البحث في الدول المتنافسة تركز على نشر وتشويه ما يحدث في الداخل. وكان الأمر طبيعيا أن يتم تصديق هذه التحاليل لأن جميع وزارات الداخلية أو الإدارات الأمنية حول العالم دائما ما تتبع أسلوب السرية في التعامل مع أي حدث ودائما تفتقد للشفافية. والسؤال الآن ما هي الأحاديث الخارجية حول وزارة الداخلية في المملكة؟ عندما بدأت بعض أيادي من غرر بهم للعبث بأمن هذا الوطن القيام بعمليات تخريب بداية من العام 2003م توقعت مراكز التحليل قيام المملكة بالتعتيم على ما يجري وعن نتائج ما يحدث وعن استحالة أن تقوم المملكة باحتواء ما يجري من عمليات إرهابية. إلا أن وزارة الداخلية فاجأت العالم بشفافية متناهية وقامت بتعيين سعادة اللواء منصور التركي كمتحدث لها. وطبقت أعلى مستوى من الشفافية في نشر الخبر. وما هي إلا عدة شهور حتى وأصبحت وزارة الداخلية من أكثر وأفضل الإدارات الأمنية في الشفافية فيما يخص الحديث عن ما يجري في الداخل لتقطع الطريق على كل من أراد بث الاشاعة أو تغيير المعلومة حول ما تقوم به وزارة الداخلية. وأصبحت الأخبار والتعليقات والتصريحات التي يذكرها المتحدث باسم وزارة الداخلية هي الفيصل في دقة المعلومة. بل ان الكثير من المواطنين وغير المواطنين تمنوا لو أن كل وزارة أو مؤسسة ودائرة حكومية تتبع نفس الأسلوب في شرح بعض الأمور للمواطن والمقيم. وعندما تحدثت بعض الأقلام والتقارير من أقوى مراكز التحليل الأمني في العالم بالتشكيك في قدرة المملكة على إيقاف ما يجري من أعمال إرهابية تفاجأ العالم أجمع بقدرة وزارة الداخلية ومنسوبيها على احتواء الأمر والقضاء عليه. وبعد أن بدأت بعض الأقلام التي أرادت استغلال مسألة القبض على بعض المطلوبين وسوء معاملتهم تفاجأ الكثير بأن الدولة أعدت لهم برامج مناصحة بكل انفتاح وتقوم أيضا برعاية من تم القبض عليهم وتحسين أوضاعهم وكذلك الاهتمام بشؤون أسرهم. ومع ذلك استمرت بعض الأقلام وبعض من يدير المواقع المشبوهة في تضخيم عدد من تم القبض عليهم لتقوم وزارة الداخلية بالإعلان وبشفافية عن عدد المسجونين في سجون المباحث في خطوة لم تقم بها أي وزارة أو جهاز أمني في العالم. لتسكت كل الأقلام وتقوم الكثير من مراكز التحليل السياسي والأمني بتغيير نمط كتابتها من أسطر تنتقد إلى أسطر تبدي الاعجاب بإنجازات وزارة الداخلية. وزيادة على ذلك تقوم بالرعاية المادية والاجتماعية لكل سجين. بل ان الأمر وصل الى أن وزير الداخلية أمر بتأمين طائرة خاصة لنقل والد أحدهم بغرض علاجه على نفقة الدولة. وبعد بداية ما يسمى بالربيع العربي بتاريخ 17 ديسمبر 2010م راهنت بعض مراكز التحليل السياسي المعتمدة ومعها بعض مواقع التواصل الاجتماعي المشبوهة التي تجهل صلابة العلاقة بين الحاكم والمحكوم في المملكة على تأثر المملكة بسبب ما يجري في بعض دول الجوار وتبخرت توقعاتهم المخطئة بأن رياح الربيع العربي ستطال تراب المملكة ومجتمعها المتماسك. وقبل موسم حج هذا العام وبسبب التهديدات الصريحة لأمن المملكة وبسبب الفوضى في بعض دول الجوار، فقد تحدثت بعض المراكز التحليلية حول مسألة موسم الحج وما يمكن أن يحدث في حج هذا العام الذي كان ناجحا بكل المقاييس رغم أن حج هذا العام جاء في أصعب الأوقات من النواحي الأمنية التي تعصف ببعض دول الجوار. والكثير توقع أن يكون الوضع العام في المملكة أثناء فترة الحج مختلفا ولكن هذا لم يحدث، فقد كان كل شيء طبيعيا. وقبل الحج بشهرين بدأ الكثير من المراقبين يطرحون سؤالا يتم طرحه كل عام منذ عشرات السنين وهو.. لماذا لا تقوم المملكة بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد أثناء فترة الحج لما فيه من ازدحام وتوافد ملايين الناس من جميع الأقطار وكذلك عظم الإمكانيات التي توفرها الدولة لخدمة الحجيج. وحيث انه من المعلوم أن وزير الداخلية هو رئيس هيئة الحج العليا فجميع مراكز التحليل الأمني تركز تحاليلها على قدرة وزارة الداخلية لإدارة الحج. وفي كل مرة يأتي السؤال بأسلوب إيجابي عن وزارة الداخلية وقدرتها على التعامل مع هذه الحشود والمحافظة على الأمن رغم أن الأمن من أصعب الأمور التي تواجه أي وزارة داخلية أو منظومة أمنية. ويتكرر السيناريو في كل عام، إضافة لما نراه أثناء شهر رمضان من توافد الملايين إلى مكةالمكرمة لأداء العمرة أو المدينةالمنورة لغرض الزيارة. ودائما ما يسمع العالم عن الصعوبات التي تواجهها كبرى الدول والهاجس الأمني لأحداث رياضية مثل بطولة كأس العالم أو الألعاب الأولمبية رغم أنها لا تقام في نفس الدولة في كل مرة. بل ان الهاجس الأمني رآه الكل في بريطانيا أثناء تنظيمها للألعاب الصيفية في عام 2012م وتسرب خبر تهديد أمني قامت على إثره السلطات البريطانية بنصب منصات للصواريخ فوق أسطح بعض البنايات رغم أن أي دولة منظمة لمثل هذه الألعاب يأتيها حضور من دول معينة واصحاب طباع متشابهة ويتم التشديد على منح تأشيرة الدخول. ولذلك كان الكثير من المحللين يتوقعون أن حج هذا العام سيكون مختلفا خاصة أن المنطقة بأسرها في محيط عالمنا العربي وما حوله بدأت تتأثر بشكل مباشر بسيطرة منظمات إرهابية على مناطق كثيرة من دول مجاورة. وإضافة لذلك فقد كانت معضلة انتشار فيروس إيبولا من الممكن أن تعطي من يريد أن يصطاد في الماء العكر فرصة للتقليل مما تقوم به المملكة. ورغم ذلك خالفت المملكة كل التوقعات ولم تقم بإعلان أي حالة طوارئ ولم تقم بتغيير خطة الحج وأعلنت رئاسة لجنة الحج العليا بتوضيح الخطة وبكل شفافية ولتفوت فرصة كان الكثير من الأقلام تنتظر أن تقوم بالنيل من قدرة المملكة في تأمين حج هذا العام في وقت كانت فيه المنطقة ولا تزال تحت تهديد إرهابي. وأخيرا فليس فقط منسوبو وزارة الداخلية من ضباط وضباط صف وأفراد ومدنيين هم رجال الأمن، بل ان كل مواطن هو في النهاية رجل أمن. كاتب ومحلل سياسي متابعة حثيثة من وزير الداخلية لمطالب أسر شهداء الواجب نجاح باهر لرجال الأمن في تأمين ضيوف الرحمن بموسم الحج تأهيل مستمر وتدريبات متواصلة لقوات الأمن الباسلة