لا شك أن السياسات الحكيمة التي تتبعها المملكة في تعاطيها مع الأحداث الإقليمية والدولية تثبت نجاحها وحصافتها يوما بعد يوم، وإن كان المحور السياسي الذي تلعبه المملكة في المنطقة يفسح المجال واسعا لدول أخرى ويسهل لها المهمة لتقف موقفا يحسب لها لصالح الإنسانية جمعاء، فإنه أيضا لموقع المملكة الاقتصادي كأكبر مصدر للنفط في العالم باحتياطي يبلغ ربع الإنتاج العالمي، دوره المحسوس والملموس في بلورة المواقف السياسية والتي تساند المواقف المطلوبة لحظة الأحداث. إن قوة المملكة الاقتصادية ومتانة سوقها ونموه المستمر في ظل السياسات التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الاقتصاد المعرفي، هذه كلها مقومات تسهم بشكل كبير في دفع الأخذ برأيها في كل محفل وقضية في عظميات الأجسام الدولية، ولذلك عندما يصحب قادتنا وفدا من قطاع الأعمال في أي زيارة خارجية يكون لها صدى واسع واذن صاغية، وشهية مفتوحة لنيل كعكة في شراكاتنا الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع دول أخرى لها أيضا مكانتها السياسية والاقتصادية. وفي كل مرة يزور فيها وفد من قطاع الأعمال دولة من دول العالم شرقية كانت أو غربية، يحمل فيها دائما هدية ثمينة ومشهية في نفس الوقت، ومن ذلك فتح سوق مال بقيمة 560 مليار دولار وتسهيل ترخيص الشركات، تعزز شراكاتنا في مختلف الصناعات والأعمال التجارية والاستثمارية ومنها صناعات السيارات والطاقة الذرية والشمسية والغذاء وغيرها، والتي تقوم على أساس البلدان تتبادل المصالح في مجالات عدة ومهمة مثل الصناعات العسكرية والنفط والغاز وغيرها، والتي تنتهي في نهاية المطاف بإطلاق مشاريع في الصناعات ذات التقنية العالية في مجال الالكترونيات والبتروكيماويات، والتي تسهم بشكل كبير في تنويع اقتصادنا وتجعله أكثر متانة ومنعة. وتبقى الرسالة المهمة جدا كيف يمكن توظيف موقعنا الاقتصادي لخدمة مصالحنا السياسية في المنطقة والعكس صحيح، لتكون الجولات التي تقوم بها وفودنا على مستوى وزراء الاقتصاد والتخطيط والبترول والمالية والتجارة والصناعة ومجلس الغرف السعودية والغرف التجارية ومجالس الأعمال وقطاع الأعمال بمختلف مشاربه، لابد وأن تخلق نوعا من التناغم ما بين الموقع الاقتصادي والموقف السياسي خدمة لبلادنا لتسير في اتجاه صناعة العلاقات الاستراتيجية مع كبريات دول العالم، بشكل يساهم في نفاذ قراراتنا ومواقفنا إلى نهايات سعيدة على المستويين الإقليمي والدولي، وهذا ما نلاحظه في كل زيارة يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد حفظه الله لأي دولة من دول العالم، حيث نخرج منها بنقطة فأكثر تكون هي برنامج العمل لدينا في قطاع الأعمال، وبمثابة خارطة طريق لنا في الأعوام المقبلة.