يبدو أن طهران تدفع الحوثيين إلى تحويل اليمن إلى محرقة جديدة مثل سوريا والعراق، فالتصريحات الإيرانية الرسمية التي تنفخ في الحوثيين وتصف تجاوزاتهم وتهوراتهم بالبطولة قد تعطي الحوثيين رسالة خاطئة، وربما تجعلهم يمعنون في التهور ويصدقون أنهم أصبحوا بديلاً للدولة اليمنية وأنهم قوة اقليمية لها حسابها، خاصة تصرفاتهم الحمقاء في قتل وسجن واحتجاز يمنيين واقتحام مقرات وتفجير منازل في محافظات عديدة في اليمن. وهذه التصرفات تجعلهم بمواجهة صريحة مع القبائل اليمنية التي تتسم بالشجاعة وبإرث يرفض المساس بالكرامة ولا تعترف بأية توازنات سياسية كالتي يخططها منظرو حزب الله للحوثيين. وإذا اشتعل اليمن فإن الحوثيين لا يبدو أنهم يملكون حصانة ونجاة لأنهم سوف يواجهون غضباً قبلياً يمنياً يشكل طوفاناً. والحكمة تقتضي من الحوثيين أن يتعقلوا وأن يبدأوا فوراً في تسهيل أمور تشكيل الحكومة وتقوية الدولة لأنها هي الضمان الوحيد لبقاء اليمن ولوجود قوى سياسية فاعلة يمكنها النهوض باليمن وإخراجه إلى بر الأمان، وهي الضمان الوحيد أيضاً للحوثيين حينما ينقلب عليهم حلفاؤهم ومريدوهم الحاليون الذين ربما يبدلون جلودهم ويعانقون حلفاء آخرين. والأخطر أن يغتر الحوثيون بأحداث الشهر الماضي ويظنوا أنهم قوة لا تقهر وأن بإمكانهم ارتكاب تصرفات في اليمن بلا رقيب ولا حسيب، بينما هم مجرد لعبة تكتيكية بيد قوى متصارعة في اليمن مثلما هم ورقة لعب من الخارج، وسوف يجري تهميشهم والاستغناء عنهم بمجرد انتهاء أدوارهم في اللعبة، سواء أكان الذين يوظفهم قوى محلية أو أصابع خارجية. ومهما حاول الحوثيون التصرف على أنهم القوة الأقوى والأصلب في اليمن فإن التاريخ اليمني سبق أن تعامل مع هذا النوع من القوى ولم تجد لها ملاذا أمام غضبة اليمنيين، إذا بقدر ما تضخمت واغترت حاسبها اليمنيون حساباً عسيراً، ثم لا تلبث أن تتهمش ويطويها النسيان. وأيضاً يتعين على الحوثيين وعلى اليمنيين عموماً أن يحجموا عن الانقياد لمصالح القوى الخارجية التي تحاول العبث في اليمن وتزرع فيه الاضطرابات والفتن وتزعزع استقراره ولا ترمي سوى إلى المتاجرة بالوضع اليمني فيما اليمنيون يدفعون الثمن سياسياً وأمنياً واقتصادياً وتنموياً. وعزة اليمن في أن يعمل اليمنيون من أجل ارساء السلام في وطنهم والإيمان بقوته وكرامته واستقلاله وأن اليمن أكبر من أي فصيل وأكرم من أي فرقة وهو الباقي والآخرون سوف يغادرون مع تحولات اليمن. ويضم اليمن طاقات بشرية ذكية وثروات اقتصادية ومجالات واعدة يحتاج فقط إلى السلام والاطمئنان وتكاتف العبقريات كي ينهض اليمن مجدداً وتبني السواعد اليمن السعيد السلمي المطمئن المتطلع إلى مستقبل زاهر.