يمر اليمن الشقيق بأصعب مراحل تاريخه الحديث، فهو أمام مصير غامض، بل مصير التقسيم والتمزق والفوضى إذا أصرت الأطراف المتصارعة على المكاسب الشخصية، وأهملت مصلحة اليمن الوطنية ومصالح اليمنيين الذين يعيشون في حالة مروعة من اللاتأكد والحيرة. وأمام هذه الحال المخيفة، فإن الذي يدعي الحرص على اليمن واستقلاله وسيادته ويتغنى بالوطنية والشهامة، فإن عليه أن يلجأ إلى الحكمة اليمنية وأن يعمل جاهداً على تجنيب اليمن الفوضى والضياع. وأول هذه الواجبات هي قطع الطريق على ميلشيات الحوثي التي تتحرك بأوامر من طهران. وهدف طهران الأسمى أن يغرق اليمن في الفوضى وأن يتمزق إلى قبائل ومحاور وإمارات وجزر، لأن الفوضى هي البيئة الوحيدة التي تستطيع فيها طهران غرس مخالبها في اليمن والسيطرة على أجنحة وميلشيات والابتزاز والمساومة. وإذا كانت توجد أطراف في اليمن تتحالف مع الحوثيين الذين يتصرفون بسلوك المحتلين والمنتصرين في المدن اليمنية، فإن هذه الأطراف تتحالف مع الفوضى ومع الأذرع الإيرانية التي تود من اليمن أن تكون ساحة لتصفية الحسابات. وليأخذ اليمنيون العبرة من العراق وسوريا ولبنان التي حولتها طهران إلى ميادين حروب ونار وكره مزقت شعوبها بغرس الطائفية واشعال الحروب، حتى أن المرء يتوقع ألا تعود العراق وسوريا إلى وحدتهما الوطنية قبل أن تتمكن طهران من التغلغل ونشر فتنها وميلشياتها. ويتعين أن يقف اليمنيون وقفة واحدة في وجه كل من يحاول تمزيق اليمن وإدخاله في حرب أهلية وفوضى دماء ونيران. لأن النيران سوف تلتهم الجميع والدماء سوف تسيل في كل مدينة وقرية يمنية، إذا لم يتفاد اليمنيون مصير العراق وسوريا ولبنان. وفي الحقيقة فإن لدى اليمنيين وقتا مناسبا لتفويت الفرصة على تجار الحروب والفتن وسفاكي الدماء سواء الحوثيون أو القاعدة، والأهم ألا يفرط اليمنيون بوحدتهم وألا يصغوا لناشري الفتن الذين يحاولون بناء أجنحة وقوى وأحزاب تهدف إلى تمزيق اليمن وتفريق وحدة اليمنيين في وقت أحوج ما يكون فيه اليمن إلى السلم والسلام والإخاء بين مختلف مكوناته وقبائله ومدنه وقراه ومحافظاته. ولا يبدو لدى اليمنيين أي خيار آخر، إما السلام والتكاتف والتعاون على البر والتقوى، أو طريق الفتن والتمزق والشر والهاوية. نأمل أن تتغلب الحكمة اليمانية الشهيرة على أصوات المشائين بالسوء وعلى أصوات مدافع الميلشيات والأحزاب، وأن يعز اليمن بصمود قبائله ورجاله الأوفياء الكرام الذين سيستعصون، إن شاء الله وبتوفيقه، على كل حاسد حاقد وكل مشعل للنيران والفتن.