الخبر الجيد للعزاب أو غير المتزوجين أن العلماء أشاروا إلى ضعف كثير من الأحاديث المنسوبة إلى رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام والتي تنبه إلى شر العزوبية وشر العزاب. أما الخبر السيئ فهو ما أشارت اليه ابحاث ودراسات أكاديمية وتناولته تقارير اعلامية متعددة أن المتزوجين أكثر انتاجية وأكثر ولاءً للمؤسسات التي يعملون بها من العزاب. فالاستقرار الأسري والاجتماعي ينعكس على أداء الموظف بكل تأكيد كما أن مسؤوليته تجاه اسرته وتكاليف تحمل تلك المسؤولية تحثه على البحث عن الاستقرار المهني والدخل المستقر الذي يوفر له ولأفراد أسرته حياة كريمة. بينما العازب وحتى يفكر ويتخذ خطوات ايجابية نحو الزواج فهو يتحمل مسؤولية نفسه في الغالب وتظل السيارة المتميزة والثوب الفاخر والعطر الفواح هي المسيطرة على ذهنه وتفكيره. هناك شركات مؤسسات بالفعل تفتح أبوابها للمتزوجين وتوصدها أمام العزاب. ونحن كمجتمعات عربية واسلامية ننظر إليهم دائماً بنظرة الريبة والشك وهذه حقيقة رغم أن كل متزوج كان في فترة ما عازباً. ومع ارتفاع تكاليف الزواج يرتفع سن الزواج بين الجنسين ويظل العزاب يواجهون هذه المشكلة مشكلة الصورة الذهنية السلبية عنهم وعن سلوكياتهم، ويزيد الطين بلة بدراسات تؤكد تدني انتاجيتهم وولائهم مقارنة بالمتزوجين. ولأن الدراسات العلمية من المفترض أن تستفيد من نتائجها الشركات والمؤسسات فمن المتوقع أن تلك الدراسات التي انصفت المتزوجين وأبرزت مشكلة العزاب فمن الطبيعي والمنطقي أن تزداد قناعة الادارة بأفضلية المتزوجين عن العزاب في العمل، ومن الطبيعي والمنطقي أيضاً ان يشكل هذا حافزاً للعازب كي يجتهد في عمله ويدرك أن الاستقرار في العمل هو بداية الاستقرار في الحياة الأسرية والاجتماعية. المشكلة ان عزابنا لا يرضون بالقليل ولا يصبرون ولا يأخذون بأسباب تفوقهم وتميزهم في العمل من تخطيط وتنظيم وسيطرة على الذات وبالطبع لكل قاعدة استثناء فهناك عزاب يصنعون مجدهم ومستقبلهم منذ اليوم الأول في العمل بل يثبتون لأصحاب الأعمال أنهم يمتلكون مزايا تنافسية تميزهم عن غيرهم وهم المتزوجون فهم أكثر قدرة على الحركة والتنقل ويواجهون مستوى اقل من الضغوط وأكثر حماساً ودافعية لإثبات الذات. أيضاً تستطيع الشركة أو المؤسسة أن تكسبهم وترفع ولاءهم وتحثهم على الاستقرار في العمل بحوافز مادية ومعنوية متنوعة تدعهم في طريقهم الشاق نحو الزواج والارتباط. للأسف هناك من اصحاب الأعمال والمديرين من يقلل من تأثير العوامل الاجتماعية والنفسية على الموظف في أداء العمل والمهام الموكلة إليه بالكفاءة المطلوبة ويطلبون منه مراراً وتكراراً فصل حياته المهنية عن حياته الشخصية، ولو استطاع صاحب العمل ذاته او المدير فعل ذلك لفعلها الموظف، ولكن ثقافتنا الادارية غير الناضجة تجعلنا نطلب من الآخرين ما نعجز نحن عن تحقيقه، لكن الواقع يؤكد وبشدة أن الموظف الواقع تحت تأثير ضغوط اسرية واجتماعية زائدة عن الحد تعاني مؤسسته من انخفاض ادائه وعدم التزامه وأخطائه المتكررة بينما الموظف المستقر اسرياً واجتماعياً هو موظف منتج ومبدع ومتميز ولذا فالشركات العالمية تدرك هذا جدياً وتقدم لمنسوبيها حزمة Package من الخدمات التي تحقق له طموحاته الأسرية والاجتماعية فيتفرغ بعدها لتحقيق طموحاته المهنية وطموحات شركته، في شركة تويوتا مثلا يسألون الموظف من أنت؟ فيرد بأنه (ابن تويوتا) فقد وفرت له تويوتا ولأفراد اسرته سبل الحياة الكريمة من رعاية صحية وتعليم وترفيه فصار الموظف في تويوتا ابناً باراً بها وهنا بالتأكيد يحدث الفارق. الأكثر من ذلك إذا تعمقت تلك الدراسات العلمية التي أشرنا إليها في هذا المقال ودرست أداء المتزوجين فقط دون العزاب فقد تصل إلى نتائج مدهشة تشير إلى تفاوت الأداء والانتاجية والإبداع بتفاوت السعادة الزوجية والأسرية بين المتزوجين، ما بين متزوج اكرمه الله بامرأة صالحة وذكية تعينه على عمله وتحثه على التميز وتحقيق الانجازات وبين آخر ابتلاه الله (أو من أعمالكم سلط عليكم) بزوجة حمقاء غبية تدفعه للهروب ليس من عمله بل من حياته بأكملها. لسان حال صاحب العمل بعد هذا المقال «يارب زوج العزاب منا وأصلح حال المتزوجين.. يا رحمن يا رحيم».