اقترب منا بهدوء ثم القى السلام بالعربية، وقد ظهر عليه التعب وبلغ منه الاعياء مبلغه يتحدث بصوت منخفض، فرافقناه إلى مبتغاه حيث موقع بعثة حج بلاده "تشاد"، الحديث مع المعمر الحاج محمد زين إدريس البالغ من العمر ثلاثا وثمانين عاما حديث شيق وذو شجون واليكم تفاصيله: من اي بلد أنت يا حاج وهل فقدت موقع سكنك؟ أنا تشادي أعيش في السعودية منذ من أكثر من اربعين عاما، ولست ضائعا لكني اسأل عن المسجد الكويتي لوجود مقر بعثة حج بلادي "تشادي" بجواره. انت هنا منذ اربعين عاما وفي اي مدينة تسكن؟ أنا أسكن في جدة ولي اربعة من الاولاد احياء، وفقدت احد عشر آخرين انتقلوا الى رحمة الله، وهؤلاء انجبتهم اربع نساء كبراهم تعيش الآن من ابلي في صحراء "فيا" في تشاد. وهل أنت مرب للابل وكيف استطعت فراقها؟ بالتأكيد فراق الابل شيء يحز في النفس لكني ضحيت بذلك من اجل أن اكون قريبا من بيت الله الحرام، واتمكن من الحج في كل عام، وزوجتي ترعى الابل الآن في بلادنا. على ذكر الحج انت موجود هنا منذ اكثر من اربعين عاما هل تذكر عدد مرات ادائك الحج؟ في خلال الفترة الطويلة هذه كنت اسافر الى بلادي واعود لكن الاقامة الدائمة في جدة، واديت الحج اربعا وعشرين مرة، اربع منها فقط لي والباقي لوالدي ووالدتي عليهم رحمة الله وبعض اقاربي واعمامي واولادهم، وهذه المرة احج عن اخي الاكبر الذي وافته المنية قبل أن يحج واسأل الله التسهيل والقبول. وهل تحمل تصريحا للحج؟ انا لا احمل تصريحا للحج، ولكن الله سهل لي الامر وقدمت الى هنا لأداء مناسك الحج. ولكن كيف قدمت إلى هنا وانت لا تحمل تصريحا بالحج؟ الحمد لله انا الآن في المشاعر واسعى لاكمال الحجة، وقدمت الى مكةالمكرمة من جدة مشيا على الاقدام، وامضيت نحو ثماني عشرة ساعة، حيث خرحت من منزلي في الخامسة عصرا ووصلت في الثانية عشرة ظهر اليوم التالي الى مكةالمكرمة، وقررت المشي على الاقدام لغلاء ثمن المواصلات من جدة الى مكة والحمد لله وصلت بالسلامة. منذ الحجة الاولى لك عام 1973م وحتى الآن، هل هناك فرق في الحج؟ بالتأكيد ففي ذلك الزمن كنا نحج اكثريتنا مشيا على الاقدام ونكمل مناسك الحج كلها مشيا على الاقدام، حتى المؤن والاكل والشرب نجد صعوبة في الحصول عليها وكنا نحمل المؤمن معنا في رحلتنا الشاقة للحج، ولكن اليوم ولله الحمد كل شيء متوفر حتى الطعام والشراب متوفر مجانا في مبرات كثيرة منتشرة في المشاعر، فبعد المشي بالاقدام يتنفل الناس على القطار والحافلات والحمد لله على أن طول الله في اعمارنا وعشنا هذا الزمن الذي سهل معه كل شيء.