توني فيرنانديز، رجل الأعمال الماليزي الذي يقوم بإدارة شركة الطيران إيرآسيا منخفضة التكاليف، والذي يعمل في الهند منذ بضعة أشهر فقط، قد حصل بالفعل على تثقيف مهم حول تقسيم السلطة بين الحكومة المركزية والولايات والمناطق ال 36 في الهند. باعتبارها تملك ثاني أكبر عدد سكان في العالم وطبقة متوسطة متنامية تتنقل عبر شبكة متداعية بشكل مزمن من الطرقات والسكك الحديدية، ينبغي أن تكون الهند مكاناً سهلاً بالنسبة لشركة إيرآسيا وغيرها من شركات الطيران للازدهار. لكن العكس هو الصحيح، وذلك جزئياً بسبب التكاليف المرتفعة التي تفرضها الولايات. يرى السياسيون المحليون تقليدياً أن السفر الجوي هو رفاهية للأغنياء، لذلك قامت الولايات بفرض ضرائب تعتبر من الأعلى في العالم على وقود الطائرات، وتكلّف حوالي 50% أكثر من المتوسط العالمي. يقول فيرنانديز: "إن الصناعة تخضع للضرائب حتى الموت". تخطط حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي لفتح صناعة الطيران إلى المزيد من المنافسة، مع دخول عدد من شركات الطيران الجديدة إلى السوق. يحاول وزير الطيران في حكومة مودي إقناع الولايات بتخفيض ضرائبها على وقود الطائرات. لكن بفضل النظام الفدرالي في الهند، هناك القليل مما يستطيع مودي القيام به كرئيس وزراء بشأن ضرائب الوقود. الجمود بشأن ضرائب وقود الطائرات هو مجرد مثال واحد على العقبات التي يواجهها مودي في محاولته لإنعاش اقتصاد الهند. منذ أن تولى المنصب في شهر أيار (مايو)، تمتع بنصر تلو الآخر على الصعيد الدبلوماسي في الوقت الذي حقق فيه تقدّماً متواضعاً بما يتعلق بالإصلاحات في الداخل. في أوائل شهر أيلول (سبتمبر)، حقق مودي إنجازاً طال انتظاره عندما وافق رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت على بيع اليورانيوم للهند، التي قامت أستراليا بوضعه على القائمة السوداء بسبب رفض الهنود التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. واردات اليورانيوم ينبغي أن تساعد جهود مودي في بناء صناعة الطاقة النووية في الهند. كذلك في شهر أيلول (سبتمبر)، حصل مودي على وعود بتمويل بنية تحتية جديدة وصناعة من رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيس الصين تشي جين بينج. في الأول من أيلول (سبتمبر)، عندما كان مودي في طوكيو، تعهد آبي بمبلغ 32 مليار دولار على شكل قروض يابانية واستثمارات، وفي الثامن عشر من أيلول (سبتمبر)، أثناء زيارته إلى نيو دلهي، قال تشي إن الصين ستقوم باستثمار 20 مليار دولار. يقول براهما تشيلان، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في مركز أبحاث السياسة في نيو دلهي، إن مودي "يسعى لتنشيط العلاقات مع كافة القوى الكبرى في العالم". في الداخل، كان مودي يتحرك بحذر فيما يتعلق بالإصلاحات. لقد كانت ميزانية وزير ماليته الأولى، التي تم الإعلان عنها في أوائل شهر تموز (يوليو)، تقتصر على التفاصيل والأجزاء الكبيرة المرتبطة بميزانية الحكومة السابقة. في البرلمان، يتمتع حزب بهارتيا جاناتا الذي يتبع له مودي بأغلبية مريحة في مجلس النواب، لكن يجب أن يتعامل مع مجلس الشيوخ بقيادة المعارضة، التي تتضمن أحزاباً محلية قوية على نحو متزايد. كتب جلين ليفين، خبير الاقتصاد الأول في وكالة موديز للتحليلات في تقرير تم نشره في العاشر من أيلول (سبتمبر)، أن "النظام السياسي المنقسم" في الهند يجعل الإصلاحات السريعة صعبة. المزيد من التحدّيات بالانتظار. منذ انتصاره في فصل الربيع، كان أداء حزب بهارتيا جاناتا ضعيفاً في استطلاعات الرأي، وفي الفترة الأخيرة في الانتخابات المحلية الخاصة في بداية شهر أيلول (سبتمبر)، عندما حصلت الأحزاب المعارضة في الولايات الرئيسية، اوتار براديش وراجاسثان، على مكاسب في برلمانات ولاياتهم. حتى أن حزب بهارتيا جاناتا، في انتكاسة محرجة، خسر ثلاثة مقاعد لحزب المؤتمر المعارض في ولاية جوجارات، موطن مودي. هناك بعض الإشارات التي تفيد بأن جدول إصلاحات مودي له تأثير. في شهر أيلول (سبتمبر) قامت ولاية أندرا براديش بتخفيض الضرائب على وقود الطائرات لتصبح 1% فقط، بعد أن كانت في السابق 16%. كما تقوم راجاسثان، وهي ولاية يُسيطر عليها حزب بهارتيا جاناتا، بتعديل القوانين حتى يتمكن أصحاب العمل من تعيين وتسريح العاملين بشكل أسهل. إذا بدأ عدد قليل من الولايات بالإصلاحات، كما يقول خبير الاقتصاد القائم في سنجافورة راجيف مالك من وكالة سي إل إس آيه لأسواق آسيا والمحيط الهادي للسمسرة: "لن يقوم الجميع بالأمر الصائب، لكن على الأقل الضغط سيتحرك في الاتجاه الصحيح".