في مقال الأمس كان الحديث حول الدعوة التي يُنادى بها الآن وهي: ضرورة عدم ترك جميع أوراق اللعبة في المنطقة في يد أمريكا! ولكن مع تطور الأحداث في المنطقة، ربما السؤال الذي يُطرح هو: هل أوراق اللعبة حاليا فعلا بيد أمريكا، أم بيد إيران؟. أخشى أن نقول إنها الآن (بيد إيران)! ربما البعض منكم يذكر المقال الشهير للكاتب الراحل الكبير أحمد بهاء الدين في مجلة المستقبل في أوائل الثمانينيات عندما قال للسادات (بما هو قريب مما قاله المصريون في الميدان)، يا سيادة الرئيس: ارحل! دعوته بالرحيل جاءت حينئذ ردا على تصريح السادات بأن 99% من أوراق اللعبة في منطقة الشرق الأوسط بيد أمريكا!! وربما السادات لم يتجاوز الحقيقة لو قال إن أوراق اللعبة في السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط كانت وما زالت بيد اللوبي الصهيوني في واشنطن، ويضاف لهم اللوبي الإيراني. الآن، بدون شك، أغلب أوراق اللعبة في المنطقة بيد إيران ومعها إسرائيل. هذا التطور يأتي بعد أن أضعفت السياسات الأمريكية موقف أصدقائها في المنطقة حيث انتقلوا للدفاع عن أنفسهم، وربما هذا يدعم موقف من يقولون بوجود حالة من التحالف الخفي بين الدولتين (إسرائيل وإيران) منذ وصول الخميني للسلطة، مع سكوت وقبول أوروبي وأمريكي! إن من يتبصر في الأحداث، ويرى تطورها وتناقضها في المنطقة، يستنتج أن إيران وإسرائيل أكبر المستفيدين مما يجري، وربما يكشف التاريخ أن النظامين الدمويين تعاونا على (مشروع الحادي عشر من سبتمبر)، والأصابع الإسرائيلية ليست بعيدة، والصفحات التي حجبت من التقرير الذي أعده الكونغرس الأمريكي عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر تخص الدور الإسرائيلي في العملية. ولم يعد خفيا أن إيران كانت حاضنة القاعدة وممولها وداعمها الخفي القوي، والقاعدة لم تقم بعملية واحدة ضد إيران!. بعد أحداث (11 سبتمبر)، الحقائق على أرض الواقع تقول إن المستفيد الأكبر من الحدث الكبير هما إيران وإسرائيل. إيران جندت حلفاءها في العراق والمعارضة العراقية في واشنطن لإعداد التقارير المزيفة الكاذبة عن أسلحة الدمار الشامل وعن احتضان صدام للقاعدة، وبهذا حصلت على المكافأة وأصبحت إيران الآن تملك أغلب الأوراق في العراق، تشكل الحكومات وتستنزف ثرواته النفطية، وأمريكا لا تستطيع أن تعمل ما تريد بالعراق بدون الدعم والموافقة الإيرانية. في سوريا أيضا أوراق اللعبة في اليد الإيرانية منذ رحيل حافظ الأسد، ففي زمن الأب كانت إيران الورقة التي يطرحها حافظ الأسد وقتما يشاء. في عهد الابن انقلب الوضع وأصبحت سوريا ورقة كاملة بيد خامنئي. وحتى حركة حماس كانت مع الأسف لسنوات عديدة ورقة إيران التي استخدمتها لشق الموقف الفلسطيني. أيضا في لبنان ومع وجود حلف إيران السياسي القوي وسلاح حزب الله أصبح لبنان الحديقة الخلفية لحكومة الملالي في طهران. فالحكومة تشكل بعد الموافقة الإيرانية عبر ذراعها، حزب الله. كذلك الآن في اليمن.. مع الأسف، الحوثيون أصبحوا ورقة إيران القوية، والتسوية السياسية السلمية لن تتم إلا بالموافقة على الشروط التي يفرضها الحوثيون. والنفوذ والعبث الإيراني، الذي تم التساهل والتسامح معه، كاد يفرض حضوره القوي في مناطق أخرى من العالم العربي، وما آخر تمدد هذا النفوذ القوي هو الغطرسة الإيرانية التي فتحت جبهات عديدة للنزاع مستغلة أحداث الربيع العربي، فانكشف الدور الإيراني مما ساعد على سرعة التحرك لاحتواء الخطر على المنطقة. أيضا مما يدعم الاعتقاد أن أوراق اللعبة في يد إيران الإقبال الأمريكي على طهران، فواشنطن ممتنة للدور الإيراني في العراق وترى إيران شريكا ضروريا في حل النزاعات، ولا ندري هل هذا عمى سياسي، أم مؤشر لتحالف خفي، فإيران هي أساس المشاكل الكبرى. كما أن حالة الوفاق الإيرانية الغربية أوجدت لإيران الظروف المثالية لتكون أبرز المستفيدين من الحرب على الإرهاب. حرب أمريكا على الإرهاب توسع لأقصى مدى حيث تم تقويض كل الجهود الخيرية والدعوية في العالم الإسلامي، بالذات التي تبذلها المملكة وبقية دول الخليج، واستلمت المنظمات الإيرانية الساحة خالية حيث عملت على نشر الجماعات والجمعيات في العالم الإسلامي لتقوم بالترويج لولاية الفقيه ولمصالح إيران، واستغلت الفرصة لإنشاء الخلايا والجماعات الحليفة. الآن تقدم نفسها على أنها الطرف الأمين القوي للحرب على داعش.. تقول هذا وهي: أم الدواعش! والآن.. ما رأيكم، كم النسبة التي نعطيها لإيران في امتلاك أوراق اللعبة في المنطقة، 90، أم 50 بالمائة.. كم؟