حين كنت طفلة صغيرة وأزور عيادة الطبيب لأي سبب واراه بعد الفحص يتجه مباشرة لغسل يديه بالماء والصابون حتى قبل أن يجلس معنا ليناقش الحالة، كنت أتساءل لماذا يغسل يديه بعد الكشف ؟! وهل هذا أمر ضروري ينبغي فعله مع كل مريض؟! أم قام به في حالتي فقط لأن بي مشكلة معدية؟! وها قد كبرت وأصبحت طبيبة وأدركت أنني إن لم أغسل يدي بعد معاينة كل مريض قد ألحق الضرر بي وبأسرتي وبمرضاي. إن سلامة المرضى هي من الأولويات العالمية لممارسة مهنة الطب، وأحد أهم أهدافها منع انتشار العدوى بين المرضى في المستشفى، ويعد غسل اليدين من الطرق الأساسية للقيام بذلك، اذ تعمل اليدين عمل الحامل لأنواع الميكروبات والجراثيم والناقل لها من شخص الى آخر، لذا نجد أن نشر الوعي بهذا الأمر مهم جدا ليس فقط للحد من الالتهابات داخل المستشفيات، وانما خارجها أيضا، فينبغي أن يصبح هذا الأمر لنا عادة قبل وبعد الأكل، وبعد استخدام دورات المياه، وعلينا تنبيه الأطفال وكبار السن خاصة فهم أضعف مناعة. من الأمور الهامة أيضا بهذا الصدد عند مراجعة الأطفال للمستشفى أو تنويمهم يفضل عدم احضار الدمى القماشية المحشوة قطنا؛ لأنها قد تحمل الجراثيم كذلك ويصعب تنظيفها ويمكن الاستعاضة عنها بالألعاب البلاستيكية، أما عن المرضى المنومين ويعانون من نقص في المناعة نتيجة مرض معين أو تلقي بعض أنواع العلاج فيلزم استشارة الطبيب قبل احضار بوكيهات الورد أو الأطعمة للمستشفى، فمن الممكن أن تحمل ميكروبات يسهل عليها أن تغزو اجسادهم الضعيفة. عادة تخصص المستشفيات غرفا لعزل الحالات المعدية ويسبب ذلك في بعض المرات شيئا من الحرج له ولذويه أو يغضبهم، إن هذا الأمر في مصلحة المريض ومن حوله وعزله وفرض الاحتياطات في التعامل معه هو واجب ينبغي على الجميع من كوادر صحية وزوار أو مرافقين الامتثال له. الفيروسات والبكتيريا والفطريات هي كائنات تعيش معنا وحولنا في بيئتنا وأيضا في أكلنا وشربنا، وعجزنا عن رؤيتها بالعين المجردة لا يعني أنها معدومة، وكما نكافح لنعيش هي تفعل كذلك، فالأمر بيننا معركة على البقاء، فإن اهملنا نحن أسلحتنا الوقائية تمكنت من الأجساد وقد تكون سببا في مضاعفات خطيرة على أعضائه بما فيها الموت -لا سمح الله-. ان وجود القيود والأنظمة والمحاذير في المستشفى ليس عبثا، وانما أمر واجب يحمل بين طياته الخير الكثير ويقي من الشر بإذن الله، فالتزم به لأننا نود لك سلامتك.