الورم يتمدد والصراخ يعلو والجرح يهيم في جسد منهك، فلا دواء يخفف، ولا طبيب يشخص، والحالة تبدو ميئوسا منها. هي الحسرة التي تقف على باب أولئك المنتشين بكراهية الآخر، والمغتسلين بوحل الحقد الذي لا تمسح آثاره أنهار عذبة في أرض خضراء. ما زالوا يحرثون الأرض ويروونها بماء لا ينبت الخير، فهم إن زرعوا حصدوا شوكا، وإن تحدثوا قالوا كذبا وبهتانا، وإن عملوا مالوا للتدليس والتحريف. همهم اسقاط الكبار, ولو كان الأمر لا يعنيهم، ولا يضر بمصالحهم، ولا يغير من واقعهم, لكنهم جلبوا على وضع العراقيل في طريق الناجحين، لم لا وهم من زمن طويل يغوصون في اسقاط الآخر، أكثر من اهتمامهم بأنفسهم. يسدل الستار عن حكاية، وتبدأ حكاية أخرى، لكنهم يعشقون العودة بعقارب الساعة إلى الوراء، ويستحضرون سيناريو (الآخر) الذي تخطاهم مكانة وسمعة وشعبية وألقابا وأرقاما، وبنفس الأساليب القديمة التحريض بالعاطفة، والتهيج (بالدلال). فرحهم بالوصول للصف الأول لا يسعدهم، بقدر سقوط (الآخر) في مناسبة لا تعنيهم، وأصواتهم المرتفعة مناداة للعدالة، هي أشبه بمقولة حق يراد بها باطل، والدموع التي يذرفونها هي أقرب لدموع التماسيح، ودورهم يحاكي (الأراجوز)، وأحيانا (الكومبارس) الذي يعتقد بوهم (البطولة). يزفون التعاسة لمن حولهم، ويسيرون في الظلام بشمعة تحرقهم من الداخل، قبل أن تنير لهم طريقا متعرجا، وكلما أوقدوا شمعة أطفأتها (نيتهم) المتقلبة على جمر كراهية (الآخر). وصلوا أو لم يصلوا ديدنهم واحد في النيل من (الآخر)، كانوا في مرحلة الجفاف، أو سبحوا في الفرح، طريقتهم لم تتبدل ولم تتغير، فالمهم في أجندتهم سقوط من عذبهم على مدار ربع قرن. تمر عليهم الأحداث مرور الكرام عندما يتعلق الأمر بأولئك الذين تحالفوا معهم أو من يقفون معهم على رصيف كراهية (الآخر)، فالخطأ يصبح صوابا في نظرهم طالما يصب في سقوط (الكبير)، والصواب خطأ طالما يصب في رفعة (الكبير) وما بينهما بحر من تزييف الحقائق واللعب على الذقون، والسير خلف الميول. لم يكلوا ولم يملوا في تكرار سيناريو عفى عليه الزمن، أدوارهم أصبحت محفوظة عن ظهر قلب، وألاعيبهم مكشوفة، رغم أن ما كانوا يعانون منه من (دونية) في الفرح قد ولى، لكن كل ذلك لم يغير من سلوكياتهم في كره (الآخر). إنها عقدة (الكبير) الذي حرمهم الفرح لسنوات طوال، وما زال لحقدهم بقية.