لا تزال المناوشات قائمة إلى يومنا هذا بين منظمة حماس والقوات الإسرائيلية رغم ما تم من جهود للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد. وفي الأيام القليلة الماضية أعلنت حماس مسؤوليتها عن اختطاف ثلاثة الشبان الإسرائيليين في وقت لا يعلم لماذا الإعلان الآن وفي هذا التوقيت بالتحديد والذي تجري فيه مباحثات جادة بين جميع الأطراف في القاهرة, ناهيك عن انه من أول يوم من الاقتتال والقصف المتبادل كانت هناك مقترحات مصرية لبدء هدنة كان بالإمكان من خلالها وقف الاقتتال منذ اليوم الأول وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ورغم كل المناوشات التي حدثت في الماضي إلا أنه من الواضح أن هذه المرة مختلفة. فبالرغم من قتل ألفين من الفلسطينيين وجرح آلاف أخرى إلا أن ما لفت انتباه الكثير من المحللين السياسيين هو قيام الكثير في العالم العربي بنسيان الدور المصري وتضحياته على مدى (66) عاما سواء فقدانه عشرات الآلاف من الشهداء المصريين على الجبهة المصرية- الإسرائيلية أو ممن فقدوا أرواحهم جراء القصف الإسرائيلي على المدن المصرية. وبالطبع لا ننسى الأراضي التي خسرتها مصر أثناء حروبها مع إسرائيل لتحرير فلسطين. ورغم استرجاعها لها لاحقا كشبه جزيرة سيناء فيجب أن لا ننسى التضحيات المصرية فيما يخص ما تم تدميره من البنية التحتية أثناء حروبها مع إسرائيل ولا ننسى الأهم وهو أن المجهود الذي بذلته مصر في حروبها مع إسرائيل قد أثر تأثيرا سلبيا على الخطط التنموية لمصر وكل هذا في سبيل القضية الفلسطينية. وكذلك لا ننسى جهود الراحل الرئيس المصري محمد أنور السادات رحمه الله والذي دفع حياته ثمنا لاسترجاع اراض مصرية بعد اتفاق (كامب ديفيد) والذي كان من الممكن ان يكون نواة لحل جذري وان يعطي للفلسطينيين والسوريين الكثير لو وافقوا عليه وكان بالإمكان استرجاع هضبة الجولان والتي لم تضم رسميا لإسرائيل إلا في العام 1982م. وكذلك كان بإمكان الفلسطينيين الحصول على أراض أكثر بكثير مما يطالبون به الآن. إضافة إلى أن المستوطنات الإسرائيلية لم تكن موجودة في ذلك الوقت بنفس الحجم وكان بالإمكان أن يتم إيقافها. بالطبع هذا جزء بسيط حول ما قدمته مصر للقضية الفلسطينية ومع ذلك نسمع وبصورة متكررة عن دور تركيا التي وضعها الكثير وكأنها هي من سيحرر فلسطين ويتحدثون عن تركيا وأردوغان وكأن تركيا هي من حاربت إسرائيل منذ العام 1948م. لقد خلط الكثير من العرب الأمور وما انتقاداتهم المتكررة من المنابر التركية لمصر إلا دليل على أن هناك نوايا ليست في مصلحة القضية الفلسطينية وبدأوا يتحدثون ويتكلمون وكأن تركيا وأوردغان هم من وراء أي انتصار عربي ضد إسرائيل متناسين أن تركيا هي في الحقيقة من ورط العرب وجعلهم في موقف صعب بعد أن قامت بالاعتراف بدولة إسرائيل بعد سنة واحدة من إنشائها, أي في العام 1949م. وبدأ العالم الغربي يتساءل لماذا لا يعترف العالم العربي والإسلامي بإسرائيل إن كانت تركيا اعترفت بها. وبعد سنوات قليلة من اعترافها بإسرائيل كان هناك اتفاق تبادل استخباراتي بين إسرائيل وتركيا وأصبحت تركيا وأراضيها مكانا لتدريب الطيارين الإسرائيليين وقد تم وضع ميدان خاص لذلك وأصبح الفني الإسرائيلي هو من يقوم بتطوير السلاح التركي. وفي العام 1958م كان هناك اجتماع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون ورئيس وزراء تركيا لوضع إستراتيجية خاصة بالعلاقات بين البلدين لتشمل كل أوجه التعاون بما فيها أمور العلاقات العامة. ومع كل هذا نسمع أفواها تجتمع في تركيا لتندد بالتخاذل المصري وترفع من شأن تركيا وهي الدولة الإسلامية الوحيدة التي علاقتها مع إسرائيل تعتبر جزءا من إستراتيجيتها وجزءا مهما من سياستها الخارجية والداخلية, بل إن حركة الطيران في المطارات الإسرائيلية أغلبها بسبب الخطوط التركية. واتضح الآن أن دموع التماسيح التي تذرفها تركيالفلسطين ما هي إلا أداة ووسيلة لزعمائهم للتربع على كرسي الزعامة في عالمنا الإسلامي متناسين أن مصر العروبة هي من نزفت الدماء الطاهرة في سبيل نصرة فلسطين بينما كل ما قدمته تركيا هو دموع تماسيح لنصرة القضية الفلسطينية.. وللحديث بقية.. * نائب الرئيس- شركة سعود كونسلت