هناك أممٌ تنام، فتنام مصالحها، وينام شعوبُها، وتفوتها كل عربات وقطارات التقدم. وهناك أمم صاحية متيقظة، فيستيقظ شعبها، فتلحق كل عربات وقطارات التقدم. الأمة العربية الإسلامية صحت كثيرا فلم تلحق بقوافل التقدم فقط بل هي التي قادتها من الصين للأورال. كانت وما زالت أكبر امبراطورية عرفها البشر. هل نحن نيام؟ هل مصالحنا نائمة؟ هل شعبنا نائم. هل تفوتنا القطارات؟ نعم، ولا. إذا نامت الأمة لا يعني ذلك أن الأحداث تقف. يا ليت! الأحداثُ مثل كرة دُفعت ثم تأخذ قوة حركتها من داخلها كما قال لنا السيد "نيوتن" صاحب قوانين الحركة. يعني أننا لما ننام تجري أحداثٌ حولنا وتتفاعل مع نفسها، وتؤثر بأحداثٍ متعاقبة كسقوط مصفوفات حجر الدومينو. إنك لما ترى نتائج لم يردها أحد أن تكون فهي لأن هناك من نام فقامت الأحداث بتلقائيتها الحركية السائبة بإنتاج شيء، أو الأصح إلحاق ضررٍ بشيء. هناك نوم وأنت تتحرك، النوم وأنت تسير. وهناك من يعمل وهو نائم فتجري الأحداثُ باندفاعاتها الذاتية ثم يستيقظ على أفعالها واقعاً، فلا يسعَهُ أن يفكّر بل يلاحق الأحداث بردود افعال، فتكون الأحداث عل الأرض هي المسيطرة، غفل ونام ويحاول الآن الصد والدفاع لا التفكير والتخطيط والتوقع.. وهو ما يفعله المستيقظون. نمنا في مرحلة ما لا أدري تعليميا أم توجّهاً أم تربيةً، ولكنه من صنوف النوم، فقمنا على فاجعة بعض من زهرة شبابنا يُرمَوْن بأفران الحروب أحياءً.. لما يذهب شاب بعنفوانه وهرموناته الثائرة وفهمه الغاضب وقناعاته المحرّفة، وبدون أي تدريب بل بدون عضلة واحدة في ذراعه ثم يُزَج في الأتون الملتهب، فنفقد ولدنا، ولا يُكتفى بهذا، بل يتهموننا بأننا وقود الإرهاب، رغم أننا أكثر من دفع ضريبته. نمنا في خطط التنمية فصار ما نسمع من أخطاء في المرافق من الطرق للمستشفيات. ولن أسترسل. السؤال ما وضعنا الآن، وما الحل؟ أختلطُ بفئات المجتمع، وأدور في الدول العربية وغيرها وأجد أن السعوديين أذكياء، وفيهم عباقرة متوارون، ومن عملي مع شباب هذه البلاد أجد بناتنا وأولادنا من أفضل من رأيت. إذن نحن لم ننم بعد.. بل نتثائب. ولا عيب في التثاؤب، فالتثاؤب عنوان لمداهمة النوم، أو اقتحام الملل، وعندما ينفتح فمك على آخره - ومحظوظون أصحاب الأفواه الواسعة..مثلي- فأنت تطرد الهواءَ الفاسد من رئتيك، وهذا يعني بث النشاط في الجسم لتنتبه أكثر وتقاوم النوم، وتنتزع دماغك من رتابة وثقل الملل. والتثاؤبُ مثبتٌ علماً وتجربةً بأنه مُعدٍ، أي إذا تثاءبَ شخصٌ بوجود آخرين، ستجد أن التثاؤبَ سيسري بينهم كالعدوى. وهي عدوى نافعة. في أمتنا كثير من مظاهر التثاؤب، العقول العامة والمدنية والأهلية تتثاءب بقوة وتنشط وتنتج وتبدع، ويبقى أن تتثاءب القوالب البيروقراطية ويصيبها عدوى التثاؤب.. وهنا بإذن الله نضمن أن كامل الشعب ستصيبه عدوى التثاؤب. ما رأيكم طالت أعماركم؟ نتثاءب الآن؟.. جميعاً؟!