العالم يأكل الكثير من اللحوم، وهذا خبر سيئ بالنسبة لغابات الأرض، والأراضي الصالحة للزراعة، والمياه الشحيحة.. ذلك هو الاستنتاج من تقرير أصدره معهد وورلد واتش القائم في واشنطن قبل بضعة أيام. ويُشير التقرير إلى أن الإنتاج العالمي من اللحوم بلغ ارتفاعًا جديدًا وصل إلى 308.5 مليون طن في العام الماضي، وهو ما يعني ارتفاعًا بنسبة 1.4%، وذلك وفقًا لمنظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO). وذكر بيان صحفي رافق التقرير، بعنوان "ارتفاع إنتاج اللحوم يُرهق الأراضي والموارد المائية"، "أنه استجابة للقوة الشرائية المتنامية، والتوسّع الحضري، والحميات الغذائية المتغيّرة، فإن إنتاج اللحوم قد توسّع بنسبة تزيد على أربعة أضعاف خلال العقود الخمسة الماضية فقط.. لكن الأمر الذي يثير الذهول بالفعل، هو أن إنتاج اللحوم قد ارتفع بمعدل 25 ضعفًا منذ عام 1800". وفي حين أن متوسط استهلاك اللحوم في عام 2013 وصل إلى 42.9 كيلو جرام للفرد الواحد، إلا أن كثيرًا من الناس لا يزالون يستهلكون كميات أقل بكثير، وهو ما يعني أن نمو الإنتاج من غير المرجّح أن يتوقف قريبًًا.. ويُشير التقرير إلى أن الناس في البلدان النامية يأكلون أقل من نصف كمية اللحوم التي يستهلكها أولئك الموجودون في الدول المتقدمة - 33.7 كغم في مقابل 75.9 كغم للفرد في البلدان الغنية. وليس من المستغرب أن آسيا، موطن البلدان المكتظة بالسكان سريعة النمو مثل الصين والهند، قد أصبحت بالفعل أكبر منطقة لإنتاج اللحوم في العالم. في عام 2013، قامت بإنتاج 131.5 مليون طن من اللحوم، أي حوالي 43% من الناتج العالمي.. في المقابل، تمثّل أوروبا 58.5 مليون طن، وأمريكا الشمالية 74.2 مليون طن، وأمريكا الجنوبية 39.9 مليون. إن تربية جميع هذه الثروة الحيوانية تتطلب الكثير من الأراضي والمياه.. أكثر من ثُلثي جميع الأراضي الزراعية يتم استخدامها لرعي الحيوانات، مع 10% إضافية تُستخدم لزراعة الحبوب العلفية التي تستهلكها الحيونات التي تُنتج اللحوم والألبان. الزراعة بشكل عام تستهلك حوالي 70% من مياه العالم العذبة؛ وثُلث تلك الكمية يذهب لزراعة الحبوب العلفية.. الموارد الأكثر كثافة بشكل خاص هي إنتاج لحوم الأبقار: تربية الماشية تتطلب خمسة أضعاف مساحة الأراضي اللازمة لإنتاج لحوم الخنازير والدجاج - للحصول على نفس الكمية من البروتين. يكتب مايكل رينر، كبير الباحثين في معهد وورلد واتش: "الأساليب الصناعية في قطاع الثروة الحيوانية قامت بقطع الغابات لتوسيع أراضي الرعي وتستخدم كميات كبيرة من المياه.. كما يستخدم الإنتاج الحبوب (مثل الذرة أو فول الصويا) لتغذية الحيوانات، ويعتمد على جرعات كبيرة من المضادات الحيوية في الحيوانات. وإن تقييد هذه الآثار البيئية والصحية يتطلب ليس فقط نظرة على كمية اللحوم التي يأكلها الناس، وإنما أيضًا على نوع اللحوم الذي يستهلكونه في مختلف أنحاء العالم".