مكة أون لاين - السعودية كانت المرأة في الجاهلية تعامل على أنها مخلوق ناقص، وهُضمت حقوقها وتسلط عليها الرجل بلا كرامة، ولما جاء الإسلام حقق لها كرامتها وأعطاها حقوقها، فالمرأة شقيقة الرجل وبانية الأجيال، ولها دور كبير في التنمية والتطوير، وهي متساوية مع الرجل أمام القضاء في حقوقها وواجباتها، وأوجب الإسلام النفقة عليها ونهى عن إيذائها والاعتداء عليها، وأمر بحسن العشرة معها واحترم ذمتها المالية، وفضّلها على الرجل في مواضع كتفضيل الأم على الأب في البر والميراث، وكذلك في النظام حيث للزوجة حق إقامة دعواها الزوجية في بلدها، كما نص نظام القضاء على إنشاء محاكم للأحوال الشخصية. وللمرأة حقوق مساوية للرجل في الشريعة الإسلامية كحقها في تقديم الدعاوى بطلب حق لها، أو برفع ضرر واقع عليها، فقد كانت الصحابيات رضوان الله عليهن يرفعن بحقوقهن لدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبي - ونعم الأب هو - زوّجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: إني قد أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء)، فهذه المرأة الحكيمة حين زوجها والدها بغير إذنها أرادت أن تسن سنة حسنة للنساء بأن رضاهن في الزواج واجب ولا يحق لأحد أن يجبرهن فيه. كما أن للمرأة حق الوكالة في الخصومة عن غيرها كالرجل ولكن من الأصلح ألا تتوكل إلا عن امرأة مثلها، ولدى محاكم الأحوال الشخصية ما دامت ملتزمة بأحكام الشريعة وآداب الحشمة في اللباس والحجاب والخطاب دفعاً للفتنة، ومن حقها الإدلاء بالشهادة عند طلبها ولا يعيبها ذلك، بل تفضل المرأة في الشهادة التي لا يطلع عليها غيرها كأمور الحيض والنفاس والبكارة والرضاع، وللمرأة حق في الولاية على أموال أولادها القصّر بعد وفاة والدهم إذا لم يوص من يتولى عليهم، ولها حق في الزواج من الكفء والنهي عن عضلها، ولو خالف ذلك والدها إذ قد يعضلها طمعاً في مالها أو خدمتها وهذا منتهى الظلم والتسلط، ولها حق في حضانة أولادها فهي الأصلح إذا استوفت الشروط وانتفت الموانع، ولها كامل الحق في الترافع بنفسها أو عن طريق وكيلها في القضايا الزوجية المختلفة كمطالبتها لزوجها بحسن العشرة والنفقة والسكن والمهر، وإثبات الطلاق وفسخ النكاح والخلع والوفاء بشرط في العقد والعدل في القسمة بين الزوجات، وإثبات النسب أو نفيه وزيارة الأولاد والحضانة والنشوز ودعاوى العنف الأسري. ومن المسلّم به أن بطاقة المرأة تعد معرفاً بها كالرجل عند إمكان التحقق منها، وإلا فاشتراط المعرفين لتحقيق مناط مصلحتها وقطع الطريق على المنتحلين باسمها. والمرأة كالرجل تحتاج للمرفق القضائي سواء في خصومة أو إنهاء، وفي حق مدني أو جزائي أو أسري أو تجاري أو عمالي أو إداري، وبما أن المرأة مصانة والجميع يحرص على حشمتها وعدم الإساءة إليها، وتسهيل مهامها، فلذا وجب أن نبادر بالاطلاع على واقع المرأة في مرفق القضاء، ولا أعني هنا العلاقة مع القضاء والقضاة فقط، وإنما العلاقة مع المحكمة ودوائرها الإدارية، وعلى ذلك من حقوق المرأة لدى المحاكم أن تكرم شخصيتها، وتعطى حقها، عبر إحداث أقسام مستقلة بطواقم نسائية، تختص بالاستعلامات والاستقبال، وقبول الأوراق من صحائف الدعوى والمواعيد، إضافة لمطابقة الهويات والمصادقة على صحتها بالإضافة للتحقق عن هويتها عبر بصمتها، وجميع ما له علاقة بالمرأة، لأن غالب مراجعات النساء يكون في هذه الأقسام أكثر من المكاتب القضائية، ولذا وجب شرعاً أن تعطى المرأة حقها في هذا الجانب، وألا تحتك بالرجال من موظفين ومراجعين، وفي هذا تحصيل لحقها وحماية لعرضها، وتحقيق لمناط التزامنا بثوابتنا وأخلاقياتنا الإسلامية. وللحديث بقية في الأسبوع القادم - بإذن الله - عن باقي حقوق المرأة القضائية. [email protected]