في الوقت الذي نشجب فيه ونستنكر تعذيب وقتل الأطفال من قبل مجرمي العالم، لدينا في عالمنا العربي والإسلامي من يقدم على ذلك الجرم ويعذب أطفالا وعاجزين، ينتهك براءتهم وإنسانيتهم، طغاة مستترون يتعاطون معنا من خلف تلك الأقنعة، التي تخفي ملامح وحشية لا تتوانى عن ارتكاب أي فعل مهما كان قبحه أو مساوئه. السادية فيهم طاغية، لذلك ينتشون من الداخل على صرخات الاستغاثة والتلوي تحت لهيب سياطهم وهي تضرب أولئك الأبرياء الذين قست عليهم ظروف الحياة، فباتوا تحت رحمة قساة القلوب. لا يكاد يخلو شهر إلا وتكشف فيه قضية تعذيب وسوء معاملة لتلك الفئة المغلوب على أمرها، «الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة»، والفاعلون فيها ممن وضعت فيهم الثقة لرعاية هؤلاء وتقديم الخدمة لهم، دون الشك في ارتكاب ما يخالف، والكارثة الكبرى أن تلك الأفعال المسيئة لم ترتكب من قبل العمالة المكلفة بالاعتناء بها من أكل وشرب وتنظيف، وهم من قد تدفعهم كثرة المهام أو ظلم المسئول لتفريغ ذلك الكبت في تلك الفئات العاجزة عن حماية نفسها، كما ظهر في مقاطع التعذيب لنزلاء بعض المراكز من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل وحتى من المشرفين الإداريين ومدراء الدور، والذين وإن انكشف أمرهم فالعقوبات لا توازي الجرم وإلا لكانت رادعا لعدم التكرار. وبالإضافة إلى التساهل في العقوبة، هناك عدم اهتمام باختيار العاملين في هذه المراكز أو الدور، والذين من المفترض أن تعمل لهم كشوفات نفسية قبل الجسدية؛ للتأكد من عدم وجود بعض المشاكل النفسية، التي قد تنشط بفعل وجودهم في هذه الأماكن ومع تلك الفئة تحديدا، أيضا محاولة تغيير أماكن عملها من فترة لأخرى؛ لتستطيع التنفيس في حال كانت تعاني من ضغوط، ولا بد أن نعترف أن التعامل مع تلك الفئات ليس بالسهل، بل يتطلب مرونة وبرامج تهيئة وتدريبا لمن يتعامل معهم. فإذا كان الأهل يعجزون عن تحمل مسؤولياتهم، فكيف بأولئك الأغراب القادمين لأجل الكسب المادي بغض النظر عما يجب أن يتوفر فيهم من كفاءة وروح طيبة، وبعضهم يأتي من بيئات تغص بمشاكل الدنيا فكيف نطلب منه أن يمحي كل صور العنف التي تشربها من الصغر ويتعامل مع الأطفال والعاجزين بلطف ولين؟!