بالنسبة للبرتغال، أدى سقوط عائلة اسبيريتو سانتو من مركزها المتميّز إلى إعطاء نظرة خاطفة نادرة إلى السلالة المصرفية في الدولة التي امتدت لأكثر من قرن من الزمن. تم إلقاء العائلة التي تحرس خصوصيتها بحماسة في دائرة الضوء عندما سعت ثلاث شركات مالكة لبنك اسبيريتو سانتو للحماية من الدائنين، (وهي المرحلة الأولى التي يمكن أن تؤدي في حالة فشلها إلى أن تضطر الشركة إلى إشهار إفلاسها)، في غضون أيام في شهر تموز (يوليو). المسؤول التنفيذي البارز في العائلة، ريكارودو اسبيريتو سانتو سيلفا سالجادو، البالغ من العمر 70 عاماً، كان عالقاً في تحقيق يتعلق بالاحتيال الضريبي وغسل الأموال بعد أن تنحى عن منصب الرئيس التنفيذي للبنك، والبنك الذي قام جدّه الكبير بتأسيسه قد خسر 3.18 مليار يورو (4.3 مليار دولار) من قيمته السوقية خلال شهر بعد انخفاض أسهمه بنسبة 82%. قالت مجلة الأعمال إكزام: إن أفراد العائلة خروجوا من قائمة أغنى 25 شخصاً في البرتغال لأول مرة منذ 10 أعوام على الأقل. مع مكافحة العائلة للخروج من أزمة المجموعة الحالية، فهي تعمل على فك تشابكات الشركات التي قامت بفصلها كشركات مستقلة على مدى عشرات الأعوام، والتي تترواح من مزرعة فول الصويا في باراجوي وسلسة فنادق في البرتغال إلى حيازة عقارات في البرازيل. قال جواو دوكو، أستاذ المالية في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة لشبونة، في مقابلة: «واقع أن ثلاثاً من شركات مجموعة اسبيريتو سانتو القابضة قد طلبت حماية من الدائنين سوف يمنح العائلة الوقت حتى تتمكن من بيع بعض أصولها بسعر معقول لتسديد بعض ديون المجموعة». بدأ دور العائلة في مجال التمويل البرتغالي عندما قام خوسيه ماريا اسبيريتو سانتو بفتح «كازا دي كامبيو» (مكتب صرافة) على شارع صغير في لشبونة عام 1869، حيث قام ببيع وشراء سندات ائتمان وتذاكر يانصيب، ومن ثم قام ورثته بتحويل مجموعة اسبيريتو سانتو إلى امبراطورية عالمية مترامية الأطراف بأعمال في مجالات متعددة، من ضمنها العقارات والزراعة والسياحة والصحة. وفي حين أن ثروة العائلة نمت، لتصل إلى أكثر من 3 مليارات يورو في الربع الثاني من عام 2007 على أساس حصتها في بنك اسبيريتو سانتو فقط، إلا أن مصالح الشركة المتشابكة وقروضها كانت تبذر البذور المؤدية إلى بداية سقوطها. قال ريكاردو كابرال، أستاذ الاقتصاد المُساعد في جامعة ماديرا، الواقعة في جزيرة ماديرا البرتغالية: «إن العائلة في النهاية لم تعُد مطّلعة على ما يحدث في هذه الشركات المختلفة، كما قامت المجموعة بتراكم الكثير من الديون، حيث استمرت بتأجيل المشاكل من خلال إعادة جدولة الديون ذات الاستحقاقات القصيرة وبمعدلات فائدة مرتفعة». كانت امبراطورية شركات عائلة اسبيريتو سانتو -التي يعني اسمها «الروح القدس» باللغة البرتغالية- عبارة عن متاهة من الكيانات المترابطة، الآن تجتمع ضمن سلسلة من الشركات القابضة. بنك اسبيريتو سانتو مملوك بنسبة 20% لمجموعة اسبيريتو سانتو المالية، في المقابل هناك 49 في المائة من مجموعة اسبيريتو سانتو المالية تملكها شركة اسبيريتو سانتو آرماوس، المملوكة بالكامل لمجموعة ريوفورتي، التي تتولى استثمارات العائلة غير المالية. مجموعة ريوفورتي مملوكة بنسبة 100% لشركة اسبيريتو سانتو الدولية، وهي شركة قابضة تُسيطر عليها العائلة. وحيث إن الأزمة السيادية الأوروبية أدت إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، فقد بدأ وضع المجموعة غير المستقر يبدو متزعزعاً، بدلاً من جمع الأموال من مستثمرين من الخارج وتخفيف سيطرتها على البنك، قامت العائلة بتحمل المزيد من الديون. قال كابرال: إن الأمر كان «مفاجئاً لأن الوضع المالي للنظام المصرفي في البرتغال كان ضعيفاً، فإما أن المساهمين المسيطرين قاموا بإساءة قراءة البلاد ووضع البنك الاقتصادي أو أنهم كانوا يخفون أمراً ما». في نشرة حقوق الاكتتاب التي أصدرها بنك اسبيريتو سانتو في العشرين من أيار (مايو)، حذّر من «المخالفات المادية» في حسابات شركة اسبيريتو سانتو الدولية. وقال البنك المركزي البرتغالي هذا الأسبوع: إن هناك مؤشرات على «تصرفات إدارية ضارة للغاية» في البنك. في الرابع عشر من تموز (يوليو)، قام البنك -الذي افتتح أول فروعه عام 1920- باستبدال سالجادو بفيكتور بينتو ليتولى منصب الرئيس التفنيذي، وكان سالجادو قد نفى ارتكاب أي مخالفات، هو وعدد من أفراد العائلة الآخرين رفضوا طلبات التعليق من أجل هذا المقال. عندما بدأت المجموعة تتفكك، كانت شركة اسبيريتو سانتو الدولية أول حجر دومينو يسقط، مطالبةً بالحماية من الدائنين في الثامن عشر من تموز (يوليو). ومجموعة ريوفورتي طلبت الحماية من الدائنين في الثاني والعشرين من تموز (يوليو)، أي أقل من أسبوع بعد فشلها بتسديد دفعة ديون لشركة الاتصالات البرتغالية، ثم جاءت مجموعة اسبيريتو سانتو المالية. وقالت الشركة المالية القابضة اليوم: إن وحدتها البرتغالية قد تقدّمت بطلب إشهار إفلاسها، وإن شركات أخرى تابعة لها بالكامل كانت قد سعت للحماية من الدائنين. قال بنك اسبيريتو سانتو، هذا الأسبوع: إنه يحتاج إلى زيادة رأس المال بعد تسجيل صافي خسارة في النصف الأول تبلغ 3.6 مليار يورو، أي أكثر من خمسة أضعاف قيمتها السوقية. لقد تم إيقاف الأسهم عن التداول بعد انخفاض وصل إلى 50%، وكان قد انخفض بنسبة 40% لكل 12 سنتاً باليورو عندما تم وقف التداول. هيئة تنظيم الأوراق المالية البرتغالية قالت: إن الأسهم ستبقى موقوفة حتى يتم الكشف عن «معلومات ذات صلة» حول البنك، كما ذكرت مجلة الأعمال أن البنك المركزي البرتغالي يعمل على حل يتضمن إدخال رأس مال يجمع كلاً من الحكومة والمستثمرين في القطاع الخاص. وقد سبب التحوّل في الأحداث في الأسابيع القليلة الماضية صدمة لكثير من المواطنين البرتغاليين.